إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ} (44)

والفاء في قوله تعالى : { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً } لترتيب ما بعدها على طغيانه فإن تليينَ القولِ مما يكسِر سَوْرةَ عنادِ العُتاة ويُلين عريكةَ الطغاة . قال ابن عباس رضي الله عنهما : لا تُعنّفا في قولكما ، وقيل : القولُ اللين مثل : { هَل لَّكَ إلى أَن تزكى وَأَهْدِيَكَ إلى رَبّكَ } فإنها دعوةٌ في صورة عَرْض ومَشورة ، ويرده ما سيجيء من قوله تعالى : { فَقُولا إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ } الآيتين ، وقيل : كنِّياه وكان له ثلاثُ كُنًى : أبو العباس وأبو الوليد وأبو مُرّة ، وقيل : عِداه شباباً لا يهرَم ويبقى له لذةُ المطعم والمشرب والمنكِح ومُلكاً لا يزول إلا بالموت ، وقرئ لَيْنا { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ } بما بلغتُماه من ذكري ويرغب فيما رغّبتماه فيه { أَوْ يخشى } عقابي ، ومحلُّ الجملة النصبُ على الحال من ضمير التثنية ، أي فقولا له قولاً ليناً راجين أن يتذكر أو يخشى ، وكلمةُ أو لمنع الخلوّ أي باشِرا الأمرَ مباشرةَ مَنْ يرجو ويطمع في أن يُثمر عملُه ولا يخيبَ سعيُه وهو يجتهد بطَوْقه ويحتشد بأقصى وُسْعه . وجدوى إرسالِهما إليه مع العلم بحاله إلزامُ الحجة وقطعُ المعذرة .