قوله : { إذْ أَوْحَيْنَا } العامل في " إذِ مَنَنا " {[24102]} أي مننا عليك في وقت إيحائنا إلى أمك ، وأبهَمَ في قوله : { مَا يُوحَى } للتعظيم كقوله تعالى : { فَغَشِيَهُمْ مِّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ }{[24103]} وهذا وحي إلهام ، لأن الأكثرين على أن أم موسى - عليه السلام-{[24104]} ما كانت من الأنبياء ، وذلك{[24105]} لأن المرأة لا تصلح للقضاء والإمامة ، ولا تمكن عند أكثر العلماء من تزويج نفسها ، ويدل على ذلك{[24106]} قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ }{[24107]} .
والوحي قد{[24108]} جاء في القرآن لا بمعنى النبوة قال تعالى : { وأوحى رَبُّكَ إلى النحل }{[24109]} { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين }{[24110]} ثم{[24111]} اختلفوا في المراد بهذا الوحي على وجوه{[24112]} :
الأول{[24113]} : أنه رؤيا رأتها{[24114]} أم موسى{[24115]} ، وكان تأويلها وضع موسى عليه السلام{[24116]} في التابوت ، وقذفه في البحر ، وأن الله تعالى يرده إليها{[24117]} .
الثاني{[24118]} : أنه عزيمة جازمة وقعت في قلبها دفعة واحدة .
الثالث{[24119]} : المراد منه{[24120]} خطور البال وغلبته على القلب .
فإن قيل : الإلقاء في البحر قريب من الإهلاك ، وهو مساوٍ للخوف الحاصل من القتل المعتاد من فرعونَ ، فكيف يجوز الإقدام على أحدهما لأجل الصيانَة عن الثاني ؟ فالجواب لعلَّها عرفت بالاستقراء صدقَ رؤياها ، فكان الإلقاء في البحر إلى السلامة أغلب على ظنها من وقع الولد في يد فرعون ، أو لعله{[24121]} أوْحَى إلى بعض الأنبياء في ذلك الزمان كشُعَيْب{[24122]} أو غيره{[24123]} ، ثم أن ذلك النبي عرفها إمّا مشافهة ، أو مراسلة .
واعترض عليه{[24124]} بأن{[24125]} الأمر لو كان كذلك لما لحقها الخوف . وأجيب{[24126]} : ذلك الخوف كان من لوازم البشرية ، كما أن موسى - عليه السلام{[24127]}- كان يخاف من فرعون مع أن الله - تعالى- كان أمره بالذهاب إليه مروراً .
الرابع من الأوجه{[24128]} : لعل بعض الأنبياء المتقدمين كإبراهيم وإسحاق ويعقوب - عليهم السلام{[24129]}- أخبروا بذلك الخبر ، وانتهى ذلك الخبر إلى أمه . أو لعل{[24130]} الله بَعَثَ إليها مَلَكَاً لا{[24131]} على وجه النبوة كما بعث إلى مريم في قوله : { فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً }{[24132]} .
وأما قوله : { مَا يُوحى }{[24133]} معناه : أوحينا إلى أمِّكَ ما يجب أن يُوحى ، وإنما وجب ذلك الوحي ، لأن الواقعة عظيمة ، ولا سبيل إلى معرفة المصلحة فيها إلا بالوحي ، فكان الوحي فيها واجباً{[24134]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.