إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيٓ أَيۡدِيكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰٓ إِن يَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمۡ خَيۡرٗا يُؤۡتِكُمۡ خَيۡرٗا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (70)

{ يا أيها النبي قُل لمَن في أَيْدِيكُم } أي في ملكتكم كأن أيديَكم قابضةٌ عليهم { منَ الأسرى } وقرىء من الأُسارى { إِن يَعْلَمِ الله فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً } خلوصَ إيمانٍ وصحةَ نيةٍ { يُؤْتِكُمْ خَيْراً ممَّا أُخِذَ مِنكُمْ } من الفداء ، وقرىء أخَذَ على البناء للفاعل . روي أنها نزلت في العباس كلفه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن يَفدِيَ ابني أخيه عَقيلَ بن أبي طالب ونوفلَ بن الحارث فقال : يا محمد تركتني أتكفف قريشاً ما بقِيتُ فقال له عليه الصلاة والسلام : " فأين الذهبُ الذي دفعتَه إلى أم الفضلِ وقت خروجِك من مكة وقلت لها : ما أدري ما يصيبني في وجهي هذا فإن حدث بي حدثٌ فهو لك ولعبد اللَّه وعبيد اللَّه والفضلِ " فقال العباس : ما يدريك ؟ فقال : «أخبرني به ربي » ، قال العباس : فأنا أشهد أنك صادقٌ وأن لا إله إلا الله وأنك عبدُه ورسوله ، والله لم يطلعْ عليه أحدٌ إلا الله ولقد دفعتُه إليها في سواد الليل ولقد كنت مرتاباً في أمرك فأما إذا أخبرتني بذلك فلا ريب ، قال العباس بعد حين : فأبدلني الله خيراً من ذلك لي الآن عشرون عبداً وإنّ أدناهم ليُضرب في عشرين ألفاً وأعطاني زمزمَ ما أُحب أن لي بها جميعَ أموالِ أهل مكة وأنا أنتظر المغفرةَ من ربي ، يتأول به ما في قوله تعالى : { وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله غَفُورٌ رحِيمٌ } فإنه وعدٌ بالمغفرة مؤكدٌ بما بعده من الاعتراض التذييلي .