الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيٓ أَيۡدِيكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰٓ إِن يَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمۡ خَيۡرٗا يُؤۡتِكُمۡ خَيۡرٗا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (70)

{ يأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُمْ مِّنَ الأَسْرَى } " نزلت في العباس بن عبد المطلب وكان أسيراً يومئذ ، وكان العباس أحد العشرة الذين ضمنوا طعام أهل بدر فبلغته التوبة يوم بدر ، وكان خرج بعشرين أوقية من ذهب ليطعم بها الناس ، فأراد أن يطعم ذلك اليوم فاقتتلوا قبل ذلك وبقيت العشرون أوقية مع العباس فأخذت منه في الحرب ، فكلم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحسب العشرون أوقية من فدائه فأبى ، وقال : أما شيء خرجت تستعين به علينا فلا أتركه لك ، وكلّفه فداء بني أخيه عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحرث فقال العباس : يا محمد تركتني اتكفف قريشاً ما بقيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فأين الذهب الذي دفعته إلى أم الفضل أوّل خروجك من مكة ، فقلت لها : إني لا أدري ما يصيبني في وجهي هذا فإن حدث بي حدث فهذا لك ولعبد الله ولعبيد الله والفضل وقثم يعني بنيه " فقال له العباس : وما يدريك ؟

قال : " أخبرني ربي " فقال العباس : فأنا أشهد أنك صادق ، وأن لا إله الا الله وأنك عبده ورسوله ، ولم يطلع عليه أحد إلا الله " فذلك قوله { يأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُمْ مِّنَ الأَسْرَى } الذين أخذتم منهم الفداء .

وقرأ أبو محمد وأبو جعفر : من الأُسارى وهما لغتان { إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً } أي إيماناً { يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ } من الفداء { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } ذنوبكم ، قال العباس : فأبدلني الله مكانها عشرين عبداً كلهم يضرب بمال كثير ، فأدناهم يضرب بعشرين ألف درهم مكان العشرين الأُوقية ، وأعطاني زمزم ، وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة ، وأنا أنتظر المغفرة من ربي ، وقال قتادة : ذُكر لنا " أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفا ، وقد توضأ لصلاة الظهر ، فما أعطى يومئذ ساكناً ولا حرم سايلا حتى فرّقه ، فأمر العباس أن يأخذ منه فأخذ ، فكان العباس يقول : هذا خير مما أُخذ منا ، وأرجو المغفرة " .