تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّمَن فِيٓ أَيۡدِيكُم مِّنَ ٱلۡأَسۡرَىٰٓ إِن يَعۡلَمِ ٱللَّهُ فِي قُلُوبِكُمۡ خَيۡرٗا يُؤۡتِكُمۡ خَيۡرٗا مِّمَّآ أُخِذَ مِنكُمۡ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (70)

وقوله تعالى : ( يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتيكم خيرا مما أخذ منكم ) .

قال عامة أهل التأويل : إن الآية نزلت في العباس بن عبد المطلب وأصحابه ، وكذلك يقول ابن عباس : قالوا للنبي : آتنا بما جئت به ، ونشهد أنك رسول الله ، فنزل ( إن يعلم الله ) اعتقاد الإيمان والتصديق له ( في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ) أي إيمانا وتصديقا ، فيخلف عليكم خيرا مما أصيب منكم .

لكنها فيه وفي غيره : من فعل مثل فعله فهو في ذلك سواء ؛ يكون من الموعود الذي ذكر ما يكون له .

وقوله تعالى : ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا ) وهو الإيمان الذي علم أنهم اعتقدوا في قلوبهم .

وقوله تعالى : ( يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ) أي ما آتاكم خير ، وهو الإيمان مما أخذ من المال الذي ذكر في القصة .

ويجوز : يفعل مكان فعل كقوله : ( إذ يقول المنافقون )[ الأنفال : 49والأحزاب12 ] أي قال المنافقون ، وذلك كثير في القرآن . فعلى ذلك قوله : ( يؤتكم خيرا ) أي آتاكم خيرا .

ويحتمل قوله : ( يؤتكم ) أيضا أي يثبكم ، ويعطكم أفضل مما أخذ منكم في الآخرة ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( ويغفر لكم والله غفور رحيم ) لما كان في الشرك كقوله : ( فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم )[ البقرة : 192 ] للذنوب ، ذو تجاوز ( رحيم ) يرحمهم في الإسلام .

ويحتمل قوله : ( يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ) من الفداء أو مما[ في الأصل : لما ، في م : ما ] أخذ منكم[ في الأصل وم : منهم ] بمكة . أخبر أنه يؤتيهم[ في الأصل وم : يؤتهم ] خيرا من ذلك في الدنيا من الأموال وغيرها .

والإثخان : قال ابن عباس : القتل . قال أبو معاذ : يثخنون أي يذللون[ في الأصل وم : يذللوا ] ، المثخن الذليل ، قال أبو عوسجة : ( حتى يثخن في الأرض ) أي يثخن في أهل [ الأرض ][ من م ، ساقطة من الأصل ] ؛ يكثر القتلى والجراحات . يقال : أثخنت في القوم إذا كثرت فيهم القتل والجراحات . ويقال : ضربه حتى أثخنه أي ضربه حتى لا يقدر على القيام ، وهو ما ذكر محمد في بعض مسائله : إنه إذ رمى صيدا بسهم ، فأصابه ، حتى أثخنه ، ثم رمى آخر بسهم فأصابه ، فإنه للأول لما أنه صيره بالإثخان خارجا من أن يكون صيدا ، وهو الضرب الذي وصفناه ، وثخن ثخانة ، فهو ثخين ، ثخن يثخن ثخونة واحد أي غلُظ .