فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَوَلَا يَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ يُفۡتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٖ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَيۡنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ} (126)

{ أولا يرون } قرئ بالتحتية وبالفوقية خطابا للمؤمنين ، وقرأ الأعمش ألم يروا ، وقرأ طلحة أولا ترى خطابا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم والهمزة على القراءة بالياء للإنكار والتوبيخ ، وعلى الخطاب للتعجيب والرؤية قلبية أو بصرية { أنهم يفتنون } يختبرون ، قاله ابن جرير وغيره أو يبتليهم الله بالقحط والشدة والجوع والسنة قاله مجاهد ، وقال ابن عطية : بالأمراض والأوجاع ، وقال قتادة : بالغزو والجهاد مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ وقال الحسن : بالعدو .

{ في كل عام مرة أو مرتين } عن أبي سعيد قال : كانت لهم في كل عام كذبة أو كذبتان قال حذيفة : فيضل بها فئام من الناس كثير ، وقيل إنهم يفتضحون بإظهار نفاقهم ، وقيل ينافقون ثم يؤمنون ثم ينافقون ، وقيل ينقضون عهدهم في السنة مرة أو مرتين ويرون ما وعد الله من النصر .

{ ثم لا يتوبون } بسبب ذلك من النفاق ونقض العهد ولا يرجعون إلىالله مع أن الابتلاء يقتضي الرجوع والتذكر ، وثم للعطف على يرون { ولا هم يذكرون } أي لا يرون ولا ينظرون ولا يتعظون ، وهذا تعجيب من الله سبحانه للمؤمنين من حال المنافقين وتصلبهم في النفاق وإهمالهم للنظر والاعتبار .