بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَوَلَا يَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ يُفۡتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٖ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَيۡنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ} (126)

{ أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ } ؛ قرأ حمزة : { أَوْ لاَ تَرَوْنَ } بالتاء ؛ ويكون الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقرأ الباقون بالياء ، يعني : { أو لا يرون } المنافقون ولا يعتبرون . { أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِى كُلّ عَامٍ } ، يقول يبتلون بإظهار ما في صدورهم من النفاق في كل عام . { مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ } من نفاقهم وكفرهم في السر ، { وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } ، يعني : لا يتعظون ولا يتفكرون . قال الكلبي : كانوا ينقضون عهدهم في السنة مرة أو مرتين ، فيعاقبون ثم يتوبون عن نقض العهد ، وقال مقاتل : وذلك أنهم إذا خلوا ، تكلموا بما لا يحل لهم . فإذا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، أخبرهم بما تكلموا به ، فيعرفون أنه نبي . ثم يأتيهم الشيطان فيحدثهم أنه يخبرهم بما بلغه عنهم ، فيشكون فيه ، فذلك قوله : { يُفْتَنُونَ فِى كُلّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ } ، يعني : يعرفون مرة أنه نبي وينكرون مرة أُخرى { ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ } عن ذلك { وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } فيما أخبرهم ، ويقال : { يُفْتَنُونَ } يعني : يبتلون بالأمراض والأسقام ، ويعاهدون الله : لو زال عنا لفعلنا كذا وكذا ، ثم لا يفون به ولا يتوبون من النفاق { وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } أي لا يتعظون بما أنزل عليهم .