إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ} (65)

{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } عما قالوا { لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ } رُوي أنه عليه الصلاة والسلام كان يسير في غزوة تبوكَ وبين يديه ركبٌ من المنافقين يستهزئون بالقرآن وبالرسول صلى الله عليه وسلم ويقولون : انظُروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتتحَ حُصون الشامِ وقصورَها هيهاتَ هيهات . فأطلع الله تعالى نبيه على ذلك فقال : «احبِسوا على الركب » فأتاهم فقال : «قلتم كذا ، وكذا ؟ » فقالوا : يا نبيَّ الله لا والله ما كنا في شيء من أمرك ولا من أمر أصحابِك ولكن كنا في شيء مما يخوض فيه الركبُ ليقصُرَ بعضنا على بعض السفر { قُلْ } غيرَ ملتفتٍ إلى اعتذارهم ناعياً عليهم جناياتِهم منزِّلاً لهم منزلةَ المعترفِ بوقوع الاستهزاء موبخاً لهم على أخطائهم موقعَ الاستهزاء { أَبِاللهِ وَرَسُولِهِ كُنتُم تَسْتَهْزِئُون } حيث عقب حرف التقرير بالمستهزأ به ولا يستقيم ذلك إلا بعد تحققِ الاستهزاءِ وثبوتِه .