الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (69)

{ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } أي والذين قاتلوا لأجلنا أعداءنا لنصرة ديننا لنثبتهم على ما قاتلوا عنه .

قال أبو سورة : { وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ } في الغزو { لَنَهْدِيَنَّهُمْ } سبيل الشهادة أو المغفرة .

أخبرني ابن فنجويه قال : حدثنا ابن شنبه ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن وهب ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد ، قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول : إذا اختلف الناس فانظروا ما عليه أهل الثغر فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول : { وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } .

وقال الفضيل بن عياض : والذين جاهدوا في طلب العلم لنهدينّهم سبل العمل به .

وأخبرني أبو الحسن محمد بن القاسم بن أحمد ، قال : حدثني أبو الطيب محمد بن أحمد ابن حمدون ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن الحسين ، قال : حدثنا محمد بن إدريس ، قال : حدثنا أحمد بن أبي الجواري ، قال : قال أبو أحمد يعني عباس الهمداني وأبو سليمان الداراني في قوله سبحانه : { وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } قال : الذين يعملون بما يعلمون يهديهم ربّهم إلى ما لا يعلمون .

وعن عمر بن عبد العزيز إنّه تكلم بكلمات وعنده نفر من العلماء ، فقال له الوضين بن عطاء : بِمَ أوتيت هذا العلم يا أبا مروان ؟ قال : ويحك يا وضين إنّما قصر بنا من علم ما جهلنا بتقصيرنا في العمل بما علمنا ، ولو أنّا عملنا ببعض ما علمنا لأورثنا علماً لا تقوم به أبداننا .

وعن عبد الله بن الزبير قال : تقول الحكمة : من طلبني فلم يجدني فليطلبني في موضعين : أن يعمل بأحسن ما يعلمه ، أو يدع أسوأ ما يعلمه .

وروي عن ابن عباس : والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا .

ضحاك : والذين جاهدوا بالهجرة لنهدينّهم سبل الثبات على الإيمان ، وقيل : والذين جاهدوا بالثبات على الإيمان لنهدينهم سبل دخول الجنان ، سهل بن عبد الله : والذين جاهدوا في إقامة السنّة لنهدينّهم سبل الجنة ثم قال : مثل السنّة في الدنيا كمثل الجنة في العقبى ، من دخل الجنة في العقبى سلم ، فكذلك من لزم السنّة في الدنيا سلم ، وقال الحسين بن الفضل : فيه تقديم وتأخير مجازه : والذين هديناهم سبيلنا جاهدوا فينا { وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } بالنصر والمعونة في دنياهم ، وبالثواب والمغفرة في عقباهم .