تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (69)

الآية 69 وقوله تعالى : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } يشبه أن يكون هذا صلة قوله : { وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب } [ الآية : 64 ] أي ليس من أجهد نفسه في طلب الدنيا والعمل لها إلا [ لاهيا ولاعبا ] ( {[15879]} ) وأما من أجهد نفسه لله ، وطلب مرضاته ، فهو حق ، وله دار الحياة التي لا موت فيها ولا انقطاع .

ويشبه أن يكون على الابتداء لا على الصلة بالأول . يقول : والذين جاهدوا أنفسهم في هواها وشهواتها وأمانيها حقيقة ابتغاء مرضاة الله وطلب الهداية والدين وسبيله { لنهدينهم سبلنا } .

ذكر السبيل ههنا لما سبق ذكر الجماعة ؛ يقول : والذين جاهدوا في الله { لنهدينهم سبلنا } أي لنهدين كلا سبيلا ، فيكون سبيلا للكل .

وأما قوله : { ولا تتبعوا السبل } [ الأنعام : 153 ] فإن( {[15880]} ) السبل على الإطلاق على [ غير ]( {[15881]} ) تقدم ذكر من الهدى أو شيء من الإضافة إلى الله ، فهي سبيل الشيطان ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإن الله لمع المحسنين } يحتمل قوله : { وإن الله لمع المحسنين } في التوفيق لهم في الإحسان والأعمال الصالحة ، أو مع المحسنين في النصر لهم والمعونة لهم على( {[15882]} ) أعدائهم ، أو مع المحسنين يحفظهم ، ويتولاهم .

ثم لم يفهم أحد من الخلق من قوله : { لمع المحسنين } وقوله( {[15883]} ) : { مع المتقين } [ البقرة : 194 ] ما يفهم من الخلق وذوي الأجسام والجُثَّاتِ . كيف فهم بعض الناس من قوله : { ثم استوى على العرش } [ الأعراف : 54و . . . ] [ وقوله ]( {[15884]} ) : { وجاء ربك } [ الفجر : 22 ] وقوله( {[15885]} ) : { أن يأتيهم الله في } [ البقرة : 210 ] كذا ما يفهم من استواء الخلق ومجيئهم وإتيانهم ؟

فليعلم( {[15886]} ) أن فهم ذلك ما يفهم من الخلق بعيد محال ، وبالله العصمة ، والله أعلم .


[15879]:في الأصل وم: لهو ولعب.
[15880]:في الأصل وم: إن.
[15881]:من م، ساقطة من الأصل.
[15882]:من م، في الأصل: على.
[15883]:في الأصل وم: و.
[15884]:ساقطة من الأصل وم.
[15885]:في الأصل وم: و.
[15886]:الفاء ساقطة من الأصل وم.