السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (69)

{ والذين جاهدوا } أي : أوقعوا الجهاد بغاية جهدهم على ما دلّ عليه بالمفاعلة { فينا } أي : بسبب حقنا ومراقبتنا خاصة بلزوم الطاعات من جهاد الكفار وغيرهم من كل ما ينبغي الجهاد فيه بالقول والفعل في الشدّة والرخاء ومخالفة الهوى عند هجوم الفتن وشدائد المحن مستحضرين لعظمتنا { لنهدينهم } مما نجعل لهم من النور الذي لا يضل من صحبه هداية تليق بعظمتنا { سبلنا } أي : طريق السير إلينا وهي الطريق المستقيمة والطريق المستقيمة هي التي توصل إلى رضا الله عز وجل ، قال سفيان بن عيينة : إذا اختلف الناس فانظروا ما عليه أهل الثغور فإنّ الله تعالى قال { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } وقال الحسن : الجهاد مخالفة الهوى ، وقال الفضيل بن عياض : والذين جاهدوا في طلب العلم لنهدينهم سبل العمل به ، وقال سهل بن عبد الله : والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا ، وقال أبو سليمان الداراني : والذين جاهدوا فيما علموا لنهدينهم إلى ما لم يعلموا ، وعن بعضهم : من عمل بما يعلم وفق لما لم يعلم ، وقيل : إن الذي نرى من جهلنا بما لم نعلم إنما هو من تقصيرنا فيما نعلم ، وقيل : المجاهدة هي الصبر على الطاعة ، وقرأ أبو عمرو بسكون الباء الموحدة ، والباقون بضمها { وإن الله } أي : بعظمته وجلاله وكبريائه { لمع المحسنين } أي : المؤمنين بالنصرة والمعونة في دنياهم والمغفرة والثواب في عقباهم ، وما رواه البيضاوي تبعاً للزمخشريّ من أنه صلى الله عليه وسلم قال : «من قرأ سورة العنكبوت كان له من الأجر عشر حسنات بعدد المؤمنين والمنافقين » فهو حديث موضوع ، ورواه ابن عادل عن أبي أمامة عن أبي بن كعب .