مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (69)

{ والذين جاهدوا } أطلق المجاهدة ولم يقيدها بمفعول ليتناول كل ما تجب مجاهدته من النفس والشيطان وأعداء الدين { فِينَا } في حقنا ومن أجلنا ولوجهنا خالصاً { لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } { سبلنا } أبو عمرو أي لنزيدنهم هداية إلى سبل الخير وتوفيقاً . وعن الداراني : والذين جاهدوا فيما علموا لنهدينهم إلى ما لم يعلموا فقد قيل : من عمل بما علم وفق لما لا يعلم . وقيل : إن الذي نرى من جهلنا بما لا نعلم إنما هو لتقصيرنا فيما نعلم . وعن فضيل : والذين جاهدوا في طلب العلم لنهدينهم سبل العمل به . وعن سهل : والذين جاهدوا في إقامة السنة لنهدينهم سبل الجنة . وعن ابن عطاء : جاهدوا في رضانا لنهدينهم الوصول إلى محل الرضوان . وعن ابن عباس : جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا . وعن الجنيد : جاهدوا في التوبة لنهدينهم سبل الإخلاص ، أو جاهدوا في خدمتنا لنفتحن عليهم سبل المناجاة معنا والأنس بنا ، أو جاهدوا في طلبنا تحرياً لرضانا لنهدينهم سبل الوصول إلينا . { وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين } بالنصرة والمعونة في الدنيا وبالثواب والمغفرة في العقبى .