فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهۡدِيَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} (69)

ثم لما ذكر حال المشركين الجاحدين للتوحيد الكافرين بنعم الله أردفه بحال عباده الصالحين ، فقال : { والذين جاهدوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } أي جاهدوا في شأن الله لطلب مرضاته ورجاء ما عنده من الخير لنهدينهم سبلنا ، أي الطريق الموصل إلينا . قال ابن عطية : هي مكية نزلت قبل فرض الجهاد العرفي ، وإنما هو جهاد عامّ في دين الله وطلب مرضاته ، وقيل : الآية هذه نزلت في العباد . وقال إبراهيم بن أدهم : هي في الذين يعملون بما يعلمون { وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين } بالنصر والعون ، ومن كان معه لم يخذل ، ودخلت لام التوكيد على " مع " بتأويل كونها اسماً ، أو على أنها حرف ودخلت عليها لإفادة معنى الاستقرار كما تقول : إن زيداً لفي الدار ، والبحث مقرّر في علم النحو .

/خ69