{ والذين جاهدوا } أي : أوقعوا الجهاد بغاية جهدهم ، علة ما دل عليه بالمفاعلة { فينا } أي : في شأن الله لطلب مرضاته ، ورجاء ما عنده من الخير وقيل : في حقنا ومن أجلنا ولوجهنا خالصا ، ومراقبتنا ، خاصة بلزوم الطاعات من جهاد الكفار ، وغيرهم من كل ما ينبغي الجهاد فيه ، بالقول والفعل ، في الشدة والرخاء ، ومخالفة الهوى عند هجوم الفتن ، وشدائد المحن مستحضرين لعظمتنا .
{ لنهدينهم سبلنا } أي سبل السير والطريق الموصل إلينا وقيل : لنزيدنهم هداية إلى سبل الخير ، وتوفيقا . وعن ابن عطاء : جاهدوا في رضانا لنهدينهم إلى الوصول إلى محل الرضوان ، وعن الجنيد ، جاهدوا في التوبة لنهدينهم سبل الإخلاص أو جاهدوا في خدمتنا لنفتحن عليهم سبل المناجاة معنا ، والأنس بنا ، قال ابن عطية : هي مكية نزلت قبل فرض الجهاد العرفي ، وإنما هو جهاد عام في دين الله ، وطلب مرضاته .
وقيل : الآية هذه نزلت في العباد ، قال سفيان بن عيينة : إذا اختلف الناس فانظروا ما عليه أهل الثغور ، فإن الله تعالى يقول : والذين جاهدوا فينا الخ وقيل : المجاهدة الصبر على الطاعات ، المخالفة للهوى . وقال الفضيل بن عياض : الذين جاهدوا فينا أي : في طلب العلم لنهدينهم سبل العلم والعمل به . وقال سهل بن عبد الله : الذين جاهدوا بإقامة السنة وإماتة البدعة لنهدينهم سبل الجنة ، وقال ابن عباس : الذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا وقال أبو سليمان الداراني : الذين جاهدوا فيما علموا لنهدينهم إلى ما لم يعلموا أو عن بعضهم . من عمل بما علم وفق لعلم ما لم يعلم .
وقال إبراهيم بن أدهم : هي في الذين يعملون بما يعلمون ، وقال الداراني أيضا : ليس الجهاد في الآية قتال الكفار فقط بل هو نصر الدين والرد على المبطلين ، وقمع الظالمين وأعظمه بالمعروف والنهي عن المنكر ومنه مجاهدة النفوس في طاعة الله .
قال ابن عيينة : مثل السنة في الدنيا ، كمثل الجنة في العقبى من دخل الجنة في العقبى سلم ، فكذلك من لزم السنة في الدنيا سلم وظاهر الآية العموم فيدخل تحته كل ذلك ، قال النسفي : أطلق المجاهدة ولم يقيدها بمفعول : ليتناول كل ما تجب مجاهدته من النفس ، والشيطان ، وأعداء الدين .
{ وإن الله لمع المحسنين } بالنصر والعون في دنياهم والمغفرة في عقباهم ، وثوابهم الجنة في الآخرة ، من كان الله معه لا يخذل أبدا ودخلت لام التوكيد على ( مع ) بتأويل كونها اسما أو على أنها حرف ودخلت عليها لإفادة معنى الاستقرار ، كما تقول : إن زيدا لفي الدار والبحث مقرر في علم النحو ، وفيه إقامة الظاهر مقام المضمر إظهار لشرفهم بوصف الإحسان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.