الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَتُبَيِّنُنَّهُۥ لِلنَّاسِ وَلَا تَكۡتُمُونَهُۥ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمۡ وَٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦ ثَمَنٗا قَلِيلٗاۖ فَبِئۡسَ مَا يَشۡتَرُونَ} (187)

{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } في أمر محمد صلى الله عليه وسلم { لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ } . قرأ عاصم وأبو عمر وأهل مكة : بالياء فيهما واختاره أبو عبيد .

الباقون : بالتاء واختاره أبو حاتم ، فمن قرأ بالتاء فعلى إضمار القول ، أي قال : ليبيننه ، ودليله قوله تعالى : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم [ آل عمران : 81 ] ومن قرأ بالياء فلقوله : { فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ } طرحوه وضيعوه وتركوا العمل به .

{ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } يعني المأكل { فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } .

قال قتادة : هذا لميثاق الله أخذ على أهل مكة ممّن علم شيئاً فليعلّمه ، وإيّاكم وكتمان العلم فإنه هلكة .

وقال محمد بن كعب : لا يحل لعالم أن يسكت على علمه ولا لجاهل أن يسكت على جهله ، قال الله : { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ } الآية ، وقال :

{ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ } [ النحل : 43 ] .

ثابت بن البناني عن أبي رافع عن أبي هريرة أنه قال : لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم بشيء ، ثم تلا هذه الآية { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ } . أبو عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كتم علماً عن أهله أُلجم يوم القيامة لجاماً من نار " .

وعن الحسن بن عمارة قال : أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث فألقيته على بابه فقلت : إن رأيت أن تحدثني ؟ فقال : أما علمت أني قد تركت الحديث فقلت : إما أن تحدثني وإما أن أُحدثك . فقال : حدثني . فقلت : حدثني الحكم ابن عيينة عن نجم الجزار قال : سمعت علياً ( عليه السلام ) يقول : " ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا " قال : فحدثني بأربعين حديثاً .