الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ خَٰشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشۡتَرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (199)

{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ } الآية ، اختلفوا في نزولها :

فقال جابر بن عبد الله وابن عباس وأنس وقتادة : " نزلت في النجاشي ملك الحبشة واسمه أضحمة وهو بالعربية عطية وذلك أنه لما مات نعاه جبرئيل لرسول الله في اليوم الذي مات فيه .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أُخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم " .

قالوا : ومن هو ؟ قال : " النجاشي " ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع وكشف له من المدينة إلى أرض الحبشة فأبصر سرير النجاشي ، وصلى عليه ركعتين وكبّر أربع تكبيرات واستغفر له ، وقال لأصحابه : " استغفروا له " .

فقال المنافقون : انظروا إلى هذا يصلي على علج حبشي نصراني لم يره قط وليس على دينه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية " .

عطاء : نزلت في أربعين رجلا من أهل نجران من بني الحرث بن كعب ، وأثني وثلاثين من أرض الحبشة ، وثمانية من الروم كانوا على دين عيسى فآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ابن جريج وابن زيد : نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه ، مجاهد : نزلت في مؤمني أهل الكتاب كلهم .

{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ } يعني القرآن { وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ } يعني التوراة والإنجيل { خَاشِعِينَ للَّهِ } خاضعين متواضعين ، وهو نصب على الحال والقطع { لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } يعني لا يحرّفون كتبهم ولا يكتمون صفة محمد صلى الله عليه وسلم لأجل المأكلة والرئاسة ، كما فعلت رؤساء اليهود { أُوْلئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } .