الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبٗا} (1)

مقدمة السورة:

مدنية ، وهي ستة عشر ألف وثلاثين حرفاً ، وثلاثة آلاف وسبعمائة وخمس وأربعين كلمة ومائة ، وست وسبعين آية

عن أبي أُمامة عن أُبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قرأ سورة النساء فكأنما تصدق على كل مؤمن ورث ميراثاً ، وأعطى من الأجر كمن اشترى محرراً وبرئ من الشرك وكان في مشيئة الله من الذين يتجاوز عنهم ) .

{ يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } يعني آدم { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } يعني حواء ، ونظيرها في سورة الأعراف والزّمر { وَبَثَّ } نشر وأظهر { مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ } تسألون به ، وخففه أهل الكوفة على حذف إحدى التائين تخفيفاً كقوله :

{ وَلاَ تَعَاوَنُواْ } [ المائدة : 2 ] ونحوها ، { وَالأَرْحَامَ } .

قراءة العامة : نصب أي واتقوا الأرحام إن تقطعوها .

وقرأ النخعي ويحيى بن وثاب وطلحة بن مصرف وقتادة والأعمش وحمزة : بالخفض على معنى وبالأرحام ، كما يقال : سألتك بالله والرحمن ، ونشدتك بالله والرحمن ، والقراءة الأولى أصح وأفصح ، لأن العرب لا يكلأ بنسق بظاهر على المعنى ، إلاّ أن يعيدوا الخافض فيقولون : مررت به وبزيد ، أو ينصبون .

كقول الشاعر :

يا قوم مالي وأبي ذويب

إلاّ أنه جائز مع قوله ، وقد ورد في الشعر .

قال الشاعر :

فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا *** اذهب فمالك والأيام من عجب

وأنشد الفراء لبعض الأنصار :

نعلق في مثل السواري سيوفنا *** وما بينها والكعب غوط نفانف

وقرأ عبد الله بن يزيد المقبري : ( والأرحام ) رفعاً على الابتداء ، كأنه نوى تمام الكلام عند قوله { تَسَآءَلُونَ بِهِ } ثم ابتدأ كما يقال : زيد ينبغي أن يكرم ، ويحتمل أن يكون إغراء ، لأن العرب من يرفع المغري .

وأنشد الفراء :

أين قوماً منهم عمير *** وأشباه عمير ومنهم السفاح

لجديرون باللقاء إذا قال *** أخو النجدة السلاح السلاح

{ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } أي حافظاً ، قيل : بمعنى فاعل