الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزۡقُكُمۡ وَمَا تُوعَدُونَ} (22)

ثم أخبر سبحانه وتعالى أنّه وضع رزقك حيث لا يأكله السوس ولا يناله اللصوص ، فقال سبحانه : { وَفِي السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } يعني المطر والثلج اللذين بهما تخرج الأرض النبات الذي هو سبب الأقوات ، وقال بعض أهل المعاني : معناه : وفي المطر والنبات سبب رزقكم ، فسمّي المطر سماء ؛ لأنّه عن السماء ينزل ، قال الشاعر :

إذا سقط السماء بأرض قوم *** رعيناه وإن كانوا غضابا

وقال ابن كيسان : يعني وعلى ربّ السماء رزقكم { فِي } بمعنى ( على ) كقوله :

{ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ } [ طه : 71 ] ، وذكر الربّ مختصراً ، كقوله :

{ وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ } [ يوسف : 82 ] ، ونظيره قوله :

{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا } [ هود : 6 ] .

وأخبرني عقيل أنّ أبا الفرج أخبرهم عن ابن جرير ، قال : حدّثنا ابن حميد ، قال : حدّثنا هارون بن المعتز من أهل الري عن سفيان الثوري قال : قرأ واصل الأحدب هذه الآية : { وَفِي السَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } فقال : ألا أرى رزقي في السماء ، وأنا أطلبه في الأرض ؟ فدخل خربة فمكث ثلاثاً لا يصيب شيئاً ، فلمّا أن كان اليوم الثالث إذا هو يرى جلّة من رطب ، وكان له أخ أحسن نيّة منه فدخل معه ( فصارتا جلّتين ) ، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرّق بينهما الموت .

أخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن خميس قال : حدّثنا ابن مجاهد قال : حدّثنا إبراهيم بن هاشم البغوي قال : حدّثنا ابن أبي بزّة ، قال : حدّثنا حسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد عن شبل بن عبّاد عن ابن ( أبي نجيح ) أنّه قرأ ( وفي السماء رازقكم وما توعدون ) بالألف يعني الله . قال مجاهد : { وَمَا تُوعَدُونَ } من خير أو شر ، وقال الضحاك { وَمَا تُوعَدُونَ } من الجنة والنار ، وأخبرنا ابن فنجويه قال : حدّثنا موسى بن محمد قال : حدّثنا الحسن بن علويّة قال : حدّثنا إسماعيل بن عيسى قال : حدّثنا المسيب بن شريك قال : قال أبو بكر بن عبد الله : سمعت ابن سيرين يقول : { وَمَا تُوعَدُونَ } : الساعة .