الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ} (17)

{ كَانُواْ قَلِيلاً مِّن اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } اختلف العلماء في حكم ( ما ) ، فجعله بعضهم جحداً ، وقال : تمام الكلام عند قوله : { كَانُواْ قَلِيلاً } أي كانوا قليلا من الناس ، ثم ابتدأ { مَا يَهْجَعُونَ } أي لا ينامون بالليل ، بل يقومون للصلاة والعبادة ، وجعله بعضهم بمعنى ( الذي ) ، والكلام متّصل بعضه ببعض ، ومعناه : كانوا قليلا من الليل الذي يهجعون ، أي كانوا قليلا من الليل هجوعهم ؛ لأنّ ( ما ) إذا اتصل به الفعل ، صار في تأويل المصدر كقوله :

{ بِمَا ظَلَمُواْ } [ النمل : 52 ] أي بظلمهم ، وجعله بعضهم صلة ، أي كانوا قليلا من الليل يهجعون .

قال محمد بن علي : «كانوا لا ينامون حتى يصلّوا العتمة » ، وقال أنس بن مالك : يصلّون ما بين المغرب والعشاء ، وقال مطرف : قلّ ليلة تأتي عليهم لا يصلّون فيها لله سبحانه ، إما من أوّلها ، وإما من أوسطها ، وقال الحسن : لا ينامون من الليل إلاّ أقلّة ، وربما نشطوا فمدّوا إلى السحر .