{ وَمَآ أَفَآءَ اللَّهُ } : ردّ الله { عَلَى رَسُولِهِ } ورجع إليه ، ومنه فيء الظل { مِنْهُمْ } من بني النضير من الأموال { فَمَآ أَوْجَفْتُمْ } : أوضعتم { عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ } وهي الإبل ، يقول : لم يقطعوا إليها شقة ، ولم ينالوا فيها مشقّة ولم يكلّفوا مؤونة ولم يلقوا حرباً وإنّما كانت بالمدينة فمشوا إليها مشياً ، ولم يركبوا خيلا ولا إبلا إلاّ النبي صلى الله عليه وسلم فإنّه ركب جملا فافتتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم صلحاً وأجلاهم عنها وأحرز أموالهم ، فسأل المؤمنون النبيّ صلى الله عليه وسلم القسمة ، فأنزل الله سبحانه { وَمَآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فجعل أموال بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصّة يضعها حيث يشاء ، فقسمها رسول الله ( عليه السلام ) بين المهاجرين ولم يعطِ الأنصار منها شيئاً إلاّ ثلاثة نفر كانت بهم حاجة وهم أبو دجانة سماك بن خرشة ، وسهل بن حنيف ، والحارث بن الصمة ، ولم يسلم من بني النضير إلاّ رجلان : أحدهما سفيان بن عمير بن وهب ، والثاني سعيد بن وهب وسلما على أموالهما فأحرزاها .
أخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا حامد بن محمّد قال : أخبرنا بشر بن موسى قال : حدّثنا الحميد قال : حدّثنا سفيان قال : حدّثنا عمرو بن دينار ومعمر بن راشد ، عن ابن شهاب الزهري أنّه سمع مالك بن أوس بن الحدثان البصري يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : إنّ أموال بني النضير كانت مما أفاء الله على رسوله ممّا لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصاً ، فكان رسول الله ( عليه السلام ) ينفق على أهله منه نفقة سنة ، وما بقي جعله في الكراع والسلاح عدّة في سبيل الله .
أخبرنا محمّد بن عبد الله بن حمدون قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن الحسن قال : حدّثنا محمّد ابن يحيى قال : حدّثنا محمّد بن يوسف قال : حدّثنا ابن عيينة ، عن معمر ، عن الزهري قال : وأُخبرت عن محمّد بن جرير قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا عبد الأعلى قال : حدّثنا أبو ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : أرسل إليّ عمر بن الخطاب فدخلت عليه ، فقال : إنّه قد حضر أهل ثبات من قومك ، وأنّا قد أمرنا لهم برضخ فاقسمه بينهم . فقلت : يا أمير المؤمنين ، مر بذلك غيري . قال : اقبضه أيّها المرء .
فبينا أنا كذلك إذ جاء مولاه يرفأ فقال : عبد الرحمن بن عوف والزبير وعثمان وسعد يستأذنون . فقال : ايذن لهم .
ثم مكث ساعة ، ثم جاء فقال : هذا علي والعباس يستأذنان .
فقال : ايذن لهما . فلمّا دخل العباس قال : يا أمير المؤمنين ، اقضِ بيني وبين هذا الغادر الفاجر الخائن . وهما حينئذ يختصمان فيما أفاء الله عزّوجل على رسوله من أموال بني النضير . فقال القوم : اقضِ بينهما يا أمير المؤمنين وأرح كلّ واحد منهما من صاحبه ، فقد طالت خصومتهما . فقال : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماوات والأرض ، أتعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا نورّث ، ما تركناه صدقة " .
قالوا : قد قال ذلك . ثم قال لهما : أتعلمان أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك ؟ قالا : نعم ، قال : فسأخبركم بهذا الفيء ، إنّ الله سبحانه خصّ نبيّه ( عليه السلام ) بشيء لم يعطِ غيره فقال : عزّ من قائل : { وَمَآ أَفَآءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ } فكانت هذه لرسول الله ( عليه السلام ) خاصّة ، فوالله ما اختارها دونكم ولا استأثرها دونكم ، ولقد قسّمها عليكم حتى بقي منها هذا المال ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله منها سنتهم ثم يجعل ما بقي في مال الله ، عزّوجل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.