{ وما أفاء الله على رسوله منهم } أي ما رده عليه من أموال الكفار ، يقال : فاء يفيء إذا رجع ، والضمير في منهم راجع إلى بني النضير ، { فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب } يقال : وجف الفرس والبعير يجف وجفا وهو سرعة السير ، وأوجفه صاحبه إذا حمله على السير السريع ، و { ما } في { ما أوجفتم } نافية ، والفاء جواب الشرط إن كانت { ما } في { ما أفاء الله } شرطية ، وإن كانت موصولة فالفاء زائدة و { من } في { من نخيل } زائدة للتأكيد ، والركاب ما يركب من الإبل خاصة ، قال الرازي : العرب لا يطلقون لفظ الراكب إلا على راكب البعير ، ويسمون راكب الفرس فارسا ، والمعنى أن ما رد الله على رسوله من أموال بني النضير لم تركبوا لتحصيله خيلا ولا إبلا ، ولم تقطعوا إليها مسافة ، ولا تجشمتم لها شقة ، ولا لقيتم بها حربا ولا مشقة ، وإنما كانت من المدينة على ميلين ، قاله الفراء ، فجعل الله سبحانه أموال بني النضير لرسوله صلى الله عليه وسلم ، خاصة لهذا السبب فإنه افتتحها صلحا ، وأخذ أموالها ، وقد كان يسأله المسلمون أن يقسم لهم فنزلت الآية .
أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما : ( عن عمر بن الخطاب قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب ، وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، خاصة ، فكان ينفق على أهله منها نفقة سنة ، ثم يجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله ) .
( وعن ابن عباس قال : جعل ما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يحكم فيه ما أراد ولم يكن يومئذ خيل ولا ركاب يوجف بها ، قال : والإيجاف أن يوضعوا السير وهي لرسول الله فكان من ذلك خيبر وفدك ، وقرى عرينة ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعمد لينبع فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتواها كلها ، فقال ناس : هلا قسمها الله ؟ فأنزل الله عذره ، فقال : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى } الآية ) ، وفي الكرخي : وهذا وإن كان كالغنيمة لأنهم خرجوا أياما وقاتلوا وصالحوا ، لكن لقلة تعبهم أجراه الله تعالى وجرى الفيء .
{ ولكن الله يسلط رسله على من يشاء } أي سنته تعالى جارية على أن يسلطهم على من يشاء من أعدائه تسلطا غير معتاد ، من غير أن يقتحموا مضايق الخطوب ، ويقاسوا شدائد الحروب ، وفي هذا بيان أن تلك الأموال كانت خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم دون أصحابه ، لكونهم لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب ، بل مشوا إليها مشيا ، { والله على كل شيء قدير } يسلط من يشاء على من أراد ، ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء ، { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون } ، فلا حق لكم فيه ويختص به النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن ذكر معه في الآية الثانية من الأصناف الأربعة على ما كان يقسمه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.