الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَقَالُواْ هَٰذِهِۦٓ أَنۡعَٰمٞ وَحَرۡثٌ حِجۡرٞ لَّا يَطۡعَمُهَآ إِلَّا مَن نَّشَآءُ بِزَعۡمِهِمۡ وَأَنۡعَٰمٌ حُرِّمَتۡ ظُهُورُهَا وَأَنۡعَٰمٞ لَّا يَذۡكُرُونَ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا ٱفۡتِرَآءً عَلَيۡهِۚ سَيَجۡزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (138)

{ وَقَالُواْ } يعني المشركين { هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ } يعني ما كانوا جعلوه للّه ولآلهتهم التي قد مضى ذكرها .

وقال مجاهد : يعني بالأنعام ، البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، والحجر : الحرام . قال اللّه تعالى ويقولون

{ حِجْراً مَّحْجُوراً } [ الفرقان : 22 ] أي حراماً حرماً .

قال الليث :

حنّت إلى النخلة القصوى فقلت لها *** حجر حرام ألا تلك الدهاريس

وأصله من الحجر وهو المنع والحظر ، ومنه : حجر القاضي على المفسد .

وقرأ الحسن وقتادة : وحرث حجر بضم الحاء وهما لغتان . وقرأ أُبي بن كعب وابن عباس وابن الزبير وأبي طلحة والأعمش : وحرث حرج بكسر الحاء والراء قبل الجيم وهي لغة أيضاً مثل جذب وجبذ .

وأنشد أبو عمرو :

ألم تقتلوا الحرجين إذ أعرضا لكم *** يمران بالأيدي اللحاء المضفرا

{ لاَّ يَطْعَمُهَآ إِلاَّ مَن نَّشَآءُ بِزَعْمِهِمْ } يعنون الرجال دون النساء { وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا } يعني الحامي إذا ركب ولد ولده . قالوا : حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه { وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا } .

قال مجاهد : كانت لهم من أنعامهم طائفة لا يذكرون اسم اللّه عليها ولا في شيء من شأنها لا أن ركبوا ولا أن حلبوا ولا أن نتجوا ولا أن باعوا ولا أن حملوا .

وقال أبو عاصم : قال لي أبو وائل : أتدري ما أنعامٌ حرمت ظهورها ؟ قلت : لا . قال : لا يحجّون عليها .

وقال الضحاك : هي التي إذا ذكوها أهلوا عليها بأصنامهم ولا يذكرون إسم اللّه عليها { افْتِرَآءً عَلَيْهِ } يعني إنهم كانوا يفعلون ذلك ويزعمون إن اللّه أمرهم به { سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ *