نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَقَالُواْ هَٰذِهِۦٓ أَنۡعَٰمٞ وَحَرۡثٌ حِجۡرٞ لَّا يَطۡعَمُهَآ إِلَّا مَن نَّشَآءُ بِزَعۡمِهِمۡ وَأَنۡعَٰمٌ حُرِّمَتۡ ظُهُورُهَا وَأَنۡعَٰمٞ لَّا يَذۡكُرُونَ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا ٱفۡتِرَآءً عَلَيۡهِۚ سَيَجۡزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (138)

ولما ذكر إقدامهم على ما قبحه الشرع{[31367]} ، ولامه على تقبيحه العقلُ من قتل الأولاد ، أتبعه إحجامهم عما حسنه الشرع من ذبح بعض الأنعام لنفعهم ، وضم إليه جملة مما منعوا{[31368]} أنفسهم منه ودانوا به لمجرد{[31369]} أهوائهم فقال : { وقالوا } أي المشركون سفهاً وجهلاً { هذه } إشارة إلى قطعة من أموالهم عينوها لآلهتهم { أنعام وحرث حجر } أي حرام محجور عليه فلا يصل أحد إليه ، وهو وصف يستوي فيه الواحد والجمع{[31370]} والمذكر والمؤنث ، لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات { لا يطعمها } أي يأكل منها { إلا من نشاء } أي من السدنة ونحوهم { بزعمهم } أي بتقولهم بمجرد الهوى من غير سند عن الله الذي له ملكوت السماوات والأرض ، وهم كاذبون في هذا الزعم في أصل التحريم و{[31371]} في نفوذ المنع ، فلو أراد الله أن تؤكل لأكلت ولم يقدروا على منع { وأنعام } .

ولما كان ذمهم على مجرد التجريم لا على كونه من معين ، بني للمجهول قوله : { حرمت ظهورها } يعني البحائر وما معها فلا تركب{[31372]} { وأنعام لا يذكرون } أي هؤلاء المتقولون على الله { اسم الله } الذي حاز جميع العظمة { عليها{[31373]} } أي في الذبح أو غيره { افتراء } أي تعمداً للكذب { عليه } .

ولما كان هذا لعظمه من{[31374]} جهة أنه تعمد للكذب على ملك الملوك موضع{[31375]} تشوف السامع إلى ما يكون{[31376]} عنه ، استأنف{[31377]} قوله : { سيجزيهم } أي بوعد صادق لا خلف فيه { بما } أي بسبب ما { كانوا } أي جبلة وطبعاً { يفترون * } أي يتعمدون من الكذب ، أما بعد إظهار الحق فواضح ، وأما قبله فلكونه في غاية ما يكون من ظهور{[31378]} الفساد .


[31367]:في ظ: الشر.
[31368]:في ظ: نفعوا.
[31369]:من ظ، وفي الأصل: بمجرد.
[31370]:من ظ، وفي الأصل: الجميع.
[31371]:سقط من ظ.
[31372]:من ظ، وفي الأصل: لا يركب.
[31373]:سقط من ظ.
[31374]:من ظ، وفي الأصل: في.
[31375]:زيد من ظ.
[31376]:من ظ، وفي الأصل: عن فاستأنف- كذا.
[31377]:من ظ، وفي الأصل: عن فاستأنف- كذا.
[31378]:في ظ: ظهر.