الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (46)

{ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ } ولا تختلفوا { فَتَفْشَلُواْ } أي تخسروا وتضعفوا .

وقال الحسن : فتفشلوا بكسر الشين { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } قال مجاهد : نصركم وذهبت ريح أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حين نازعوه يوم أُحد .

وقال السدي : جماعتكم وحدتكم ، وقال مقاتل : [ حياتكم ] ، وقال عطاء : جَلَدكم .

وقال يمان : غَلَبَتكم ، وقال النضر بن شميل : قوتكم ، وقال الأخفش : دولتكم ، وقال ابن زيد : هو ريح النصر لم يكن نصر قط إلاّ بريح يبعثه الله في وجوه العدو ، فإذا كان كذلك لم يكن لهم قوام ، ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم : " نصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدّبور " .

يقال للرجل إذا أقبلت الدنيا عليه بما يهواه : الريح اليوم لفلان .

قال عبيد بن الأبرص :

كما حميناك يوم النعف من شطب *** والفضل للقوم من ريح ومن عدد

وقال الشاعر :

يا صاحبي ألا لا حي بالوادي *** إلا عبيد وأم بين أذواد

أتنتظران قليلاً ريث غفلتهم *** أو تعدوان فإن الريح للعادي

أنشدني أبو القاسم المذكور قال : أنشدني أبا نصر بن منصور الكرجي الكاتب :

إذا هبت رياحك فاغتنمها *** فإن لكلّ خافقة سكون

ولا يغفل عن الإحسان فيها *** فما تدري السكون متى يكون

قوله تعالى { وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * }