الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بَطَرٗا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (47)

{ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً } فخرا وأشَرِاً { وَرِئَآءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } معطوف على قوله : [ بطراً ورئاء الناس ] ومعناه ينظرون ويرون ، إذ لا يعطف مستقبل على ماض ، { وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } وهؤلاء أهل مكّة خرجوا يوم بدر ولهم بغيٌ وفخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللّهمّ إن قريشاً أقبلت بفخرها وخيلائها ليحادك ورسولك " .

قال ابن عباس : لمّا رأى أبو سفيان أنّه أحرز عيره أرسل إلى قريش أنّكم خرجتم لتمنعوا عليكم فقد نجاها الله فارجعوا فوافى الركب الذي فيه أبو سفيان ليأمروا قريشاً بالرجعة إلى مكّة فقال لهم : انصرفوا ، فقال أبو جهل : والله لا ننصرف حتّى نرد بدراً وكان بدر موسماً من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق كل عام فنقيم بها ثلاثاً وننحر الجزر ونطعِم الطعام ونسقي الخمور ونعزف عليها القيان وتسمع بها العرب . فلا يزالون يهابوننا أبداً فوافوها فسُقوا كؤوس المنايا مكان الخمر وناحت عليهم النوائح مكان القيان .

ونهى الله عباده المؤمنين بأن يكونوا مثلهم وأمرهم بإخلاص النيّة والخشية في نصرة دينه وموأزرة نبيه صلى الله عليه وسلم