فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (46)

ثم أمرهم بطاعة الله فيما يأمرهم به وطاعة رسوله فيما يرشدهم إليه ، ونهاهم عن التنازع وهو الاختلاف في الرأي ، فإن ذلك يتسبب عنه الفشل ، وهو الجبن في الحرب . والفاء جواب النهي ، والفعل منصوب بإضمار أن ، ويجوز أن يكون الفعل معطوفاً على تنازعوا مجزوماً بجازمه . قوله : { وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } قرئ بنصب الفعل ، وجزمه عطفاً على تفشلوا على الوجهين ، والريح : القوّة والنصر ، كما يقال الريح لفلان إذا كان غالباً في الأمر . وقيل الريح الدولة ، شبهت في نفوذ أمرها بالريح في هبوبها ، ومنه قول الشاعر :

إذ هبت رياحك فاغتنمها *** فعقبى كل خافقة سكون

وقيل المراد بالريح : ريح الصبا ، لأن بها كان ينصر النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أمرهم بالصبر على شدائد الحرب ، وأخبرهم بأنه مع الصابرين في كل أمر ينبغي الصبر فيه ، ويا حبذا هذه المعية التي لا يغلب من رزقها غالب ، ولا يؤتى صاحبها من جهة من الجهات ، وإن كانت كثيرة .

/خ49