الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ} (46)

{ وأطيعوا الله }[ 46 ] عز وجل ، { ورسوله } عليه السلام ، أي : فيما أمركم به ، { ولا تنازعوا }[ 46 ] ، أي : تختلفوا فتفترق قلوبكم ، { فتفشلوا } ، أي : تضعفوا وتجبنوا ، { وتذهب ريحكم } ، أي : قوتكم وبأسكم ودولتكم{[27526]} ، فتضعفوا ، { واصبروا } ، أي : اصبروا مع نبي الله عز وجل ، عند لقاء عدوكم ، { إن الله مع الصابرين }[ 46 ] ، أي : معكم{[27527]} .

قال مجاهد ، وابن جريج : ذهب{[27528]} ريح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين نازعوه يوم أحد ، أي : تركوا أمره ، يعني : الرماة{[27529]} .

قال ابن زيد ، ومجاهد ، وغيرهم : ( الريح ) ريح النصر{[27530]} .

قال ابن زيد : لم يكن نصر قط إلا بريح يبعثها الله عز وجل ، يضرب بها وجوه{[27531]} العدو ، فإذا كان ذلك لم يكن لهم قِوام{[27532]} .

فمعنى : { وتذهب{[27533]}ريحكم }[ 46 ] .

( أي ){[27534]} : الريح التي هي النصر ، وعلى ذلك قال قتادة ومجاهد : { ريحكم } : نصركم{[27535]} .


[27526]:هو تفسير ابن قتيبة في غريبه 179، قال: "وتذهب ريحكم"، أي: دولتكم. يقال: ذهبت له ريح النصر، إذا كانت له الدولة. ويقال: الريح له اليوم، يراد: له الدولة".
[27527]:جامع البيان 13/575، 576، باختصار. قال الشوكاني في فتح القدير 2/359،: "...ويا حبذا هذه المعية التي لا يغلب من رُزقها غالب، ولا يؤتى صاحبها من جهة من الجهات وإن كانت كثيرة". انظر: تفسير ابن كثير 2/317، ففيه كلام نفيس عن شجاعة الصحابة رضي الله عنهم، وائتمارهم بما أمرهم الله ورسوله به.
[27528]:انظر: القصيدة الموشحة بالأسماء المؤنثة السماعية 85، 86.
[27529]:جامع البيان 13/576، بتصرف، انظر: تفسير مجاهد 356، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1712، والدر المنثور 4/76.
[27530]:انظر: تفسير الماوردي 2/324، وزاد المسير 3/365. قال البغوي في تفسيره 3/364: "والريح" هاهنا: كناية عن نفاذ الأمر وجريانه على المراد، تقول العرب: هبت ريح فلان إذا أقبل أمره على ما يريد". انظر: جامع البيان 13/575.
[27531]:بمعنى: "الريح" على بابها. انظر: البحر المحيط 4/497، 498.
[27532]:جامع البيان 13/577، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1712، والدر المنثور 4/76، انظر: تفسير البغوي 3/364، وزاد المسير 3/365.
[27533]:في المخطوطتين: تذهب، وأثبت نص التلاوة.
[27534]:ما بين الهلالين ساقط من "ر".
[27535]:زاد المسير 3/365. وانظر: ما سلف قريبا، وما انتهى إليه مكي هاهنا هو المرجح عنده، فتنبه.