الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{فَإِمَّا تَثۡقَفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡحَرۡبِ فَشَرِّدۡ بِهِم مَّنۡ خَلۡفَهُمۡ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ} (57)

{ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ } ترينّهم وتجدنّهم { فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ } قال ابن عباس : فنكّل بهم من ورائهم ، وقال قتادة : عِظ بهم مَنْ سواهم من الناس ، وقال سعيد بن جبير : أنذر بهم مَنْ خلفهم ، وقال ابن زيد : أخفهم بهم .

وقيل : فرَّق جمع كل ناقض مما بلغ من هؤلاء ، وقال عطاء : أثخن فيهم القتل حتى يخافك غيرهم من أهل مكة وأهل اليمن ، وقال ابن كيسان : اقتلهم فلا من يهرب عنك مَن بعدهم .

وقال القتيبي : سمِّع بهم ، وأنشد :

أُطوّف في الاباطح كل يوم *** مخافة أن يشردّ بي حكيمُ

وأصل التشريد : التطريد والتفريق والتبديد ، وقرأ أبن مسعود ( وشرّذ ) بالذال معجم وهو واحد .

قال قطرب التشريذ بالذال التنكيل ، وبالدال للتفريق من خلفهم أي من ورائهم ، وقيل من يأتي خلفهم ، وقرأ الأعمش مِن ( خلفِهم ) بكسر الميم والفاء تقديره : فشرِّد بهم من خلفهم من عمل قبل عملهم { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } يعتبرون العهد فلا ينقضون العهد .