جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوۡكَ لِتَحۡمِلَهُمۡ قُلۡتَ لَآ أَجِدُ مَآ أَحۡمِلُكُمۡ عَلَيۡهِ تَوَلَّواْ وَّأَعۡيُنُهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ} (92)

القول في تأويل قوله تعالى ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون .

يقول تعالى ذكره ولا سبيل أيضا على النفر الذين إذا ما جاءوك لتحملهم يسألونك الحُمْلان ليبلغوا إلى مغزاهم لجهاد أعداء الله معك يا محمد ، قلت لهم : لا أجد حمولة أحملكم عليها تَوَلّوْا يقول : أدبروا عنك ، وأعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ حَزَنا وهم يبكون من حزن على أنهم لا يجدون ما ينفقون ويتحملون به للجهاد في سبيل الله .

وذكر بعضهم أن هذه الآية نزلت في نفر من مُزينة . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أجدُ ما أحْمِلكُمْ عَلَيْهِ قال : هم من مُزَينة .

حدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قال : هم بنو مقرّن من مزينة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن ابن جريج ، قراءة عن مجاهد في قوله : وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ . . . إلى قوله : حزَنَا أن لا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ قال : هم بنو مقرن من مزينة .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قال : هم بنو مُقَرّن من مزينة .

قال : حدثنا أبي ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن عروة ، عن ابن مغفل المزني ، وكان أحد النفر الذين أنزلت فيهم : وَلا على الّذِينَ إذَا أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ . . . الآية .

حدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة ، عن ابن جريج عن مجاهد ، في قوله : تَوَلّوْا وأعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ حَزَنا قال : منهم ابن مُقَرّن . وقال سفيان : قال الناس : منهم عِرْباض بن سارية .

وقال آخرون : بل نزلت في عِرْباض بن سارية . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن مَعْدان ، عن عبد الرحمن بن عمرو والسّلَمِي ، وحُجْر بن حُجْر الكَلاعي ، قالا : دخلنا على عِرْباض بن سارية ، وهو الذي أنزل فيه : وَلا على الّذِينَ إذَا أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ . . . الآية .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا الوليد ، قال : حدثنا ثور ، عن خالد ، عن عبد الرحمن بن عمرو ، وحجر بن حجر بنحوه .

وقال آخرون : بل نزلت في نفر سبعة من قبائل شتى . ذكر من قال ذلك :

حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب وغيره ، قال جاء ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحملونه ، فقال : «لا أجِدُ ما أحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ » فأنزل الله : وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ . . . الآية ، قال : هم سبعة نفر من بني عمرو بن عوف سالم بن عمير ، ومن بنى واقف : حِرْميّ بن عمرو ، ومن بني مازن بن النجار : عبد الرحمن بن كعب ، يكنى أبا ليلى ، ومن بني المُعلّى : سَلْمان بن صخر ، ومن بني حارثة : عبد الرحمن بن يزيد أبو عبلة ، وهو الذي تصدّق بعرضه فقبله الله منه ، ومن بني سَلِمة : عمرو بن غنمة ، وعبد الله بن عمرو المزني .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قوله : وَلا على الّذِينَ إذَا ما أتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ إلى قوله : حَزَنا وهم البكاءون كانوا سبعة ، والله أعلم .

تابع : تفسير سورة التوبة

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوۡكَ لِتَحۡمِلَهُمۡ قُلۡتَ لَآ أَجِدُ مَآ أَحۡمِلُكُمۡ عَلَيۡهِ تَوَلَّواْ وَّأَعۡيُنُهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ} (92)

وقوله تعالى : { ولا على الذين إذا ما أتوك } الآية ، اختلف فيمن نزلت هذه الآية فقيل نزلت في عرباض بن سارية ، وقيل نزلت في عبد الله بن مغفل ، وقيل في عائذ بن عمرو ، وقيل في أبي موسى الأشعري ورهطه ، وقيل في بني مقرن ، وعلى هذا جمهور المفسرين ، وقيل نزلت في سبعة نفر من بطون شتى ، فهم البكاؤون وهم سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف ، وحرمي بن عمرو من بني واقف ، وأبو ليلى عبد الرحمن من بني مازن بن النجار ، وسليمان بن صخر من بني المعلى ، وأبو ُرَعْيلة عبد الرحمن بن زيد من بني حارثة وهو الذي تصدق بعرضه فقبل الله منه ، وعمرو بن غنمة من بني سلمة ، وعائد بن عمرو المزني ، وقيل عبد الله بن عمرو المزني قال هذا كله محمد بن كعب القرظي ، وقال مجاهد : البكاؤون هم بنو مكدر من مزينة .

ومعنى قوله : { لتحملهم } أي على ظهر يركب ويحمل عليه الأثاث ، وقال بعض الناس : إنما استحملوه النعال ، ذكره النقاش عن الحسن بن صالح ، وهذا بعيد شاذ ، والعامل في { إذا } يحتمل أن يكون { قلت } ، ويكون قوله { تولوا } مقطوعاً .

ويحتمل أن يكون العامل { تولوا } ويكون تقدير الكلام فقلت ، أو يكون قوله { قلت لا أجد ما أحملكم عليه } بمنزلة وجدوك في هذه المحال .

وفي الكلام اختصار وإيجاز ولا يدل ظاهر الكلام على ما اختصر منه ، وقال الجرجاني في النظم له إن قوله { قلت } في حكم المعطوف تقديره وقلت ، و { حزناً } نصب على المصدر ، وقرأ معقل بن هارون «لنحملهم » بنون الجماعة .