المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوۡكَ لِتَحۡمِلَهُمۡ قُلۡتَ لَآ أَجِدُ مَآ أَحۡمِلُكُمۡ عَلَيۡهِ تَوَلَّواْ وَّأَعۡيُنُهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ} (92)

وقوله تعالى : { ولا على الذين إذا ما أتوك } الآية ، اختلف فيمن نزلت هذه الآية فقيل نزلت في عرباض بن سارية ، وقيل نزلت في عبد الله بن مغفل ، وقيل في عائذ بن عمرو ، وقيل في أبي موسى الأشعري ورهطه ، وقيل في بني مقرن ، وعلى هذا جمهور المفسرين ، وقيل نزلت في سبعة نفر من بطون شتى ، فهم البكاؤون وهم سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف ، وحرمي بن عمرو من بني واقف ، وأبو ليلى عبد الرحمن من بني مازن بن النجار ، وسليمان بن صخر من بني المعلى ، وأبو ُرَعْيلة عبد الرحمن بن زيد من بني حارثة وهو الذي تصدق بعرضه فقبل الله منه ، وعمرو بن غنمة من بني سلمة ، وعائد بن عمرو المزني ، وقيل عبد الله بن عمرو المزني قال هذا كله محمد بن كعب القرظي ، وقال مجاهد : البكاؤون هم بنو مكدر من مزينة .

ومعنى قوله : { لتحملهم } أي على ظهر يركب ويحمل عليه الأثاث ، وقال بعض الناس : إنما استحملوه النعال ، ذكره النقاش عن الحسن بن صالح ، وهذا بعيد شاذ ، والعامل في { إذا } يحتمل أن يكون { قلت } ، ويكون قوله { تولوا } مقطوعاً .

ويحتمل أن يكون العامل { تولوا } ويكون تقدير الكلام فقلت ، أو يكون قوله { قلت لا أجد ما أحملكم عليه } بمنزلة وجدوك في هذه المحال .

وفي الكلام اختصار وإيجاز ولا يدل ظاهر الكلام على ما اختصر منه ، وقال الجرجاني في النظم له إن قوله { قلت } في حكم المعطوف تقديره وقلت ، و { حزناً } نصب على المصدر ، وقرأ معقل بن هارون «لنحملهم » بنون الجماعة .