لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوۡكَ لِتَحۡمِلَهُمۡ قُلۡتَ لَآ أَجِدُ مَآ أَحۡمِلُكُمۡ عَلَيۡهِ تَوَلَّواْ وَّأَعۡيُنُهُمۡ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ} (92)

ولما ذكر الله عز وجل هذه الأقسام الثلاثة من المعذورين أتبعه بذكر قسم رابع وهو قوله تعالى : { ولا على الذين إذا ما أتوك } يعني ولا حرج ولا إثم في التخلف عنك على الذين إذا ما أتوك { لتحملهم } يعني يسألونك الحملان ليبلغوا إلى غزو عدوك وعدوهم والجهاد معك يا محمد . قال ابن إسحاق : نزلت في البكائين وكانوا سبعة . ونقل الطبري عن محمد بن كعب وغيره قالوا : جاء ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحملونه فقال : لا أجد ما أحملكم عليه فأنزل الله هذه الآية وهم سبعة نفر من بني عمرو بن عوف سالم بن عمير ومن بني واقف جرمي بن عمير ومن بني مازن ابن النجار عبد الرحمن بن كعب يكنى أبا ليلى ومن بني المعلى سلمان بن صخر ومن بني حارثة عبد الرحمن بن زيد وهو الذي تصدق بعرضه فقبل الله منه ذلك ومن بني سلمة عمرو بن عنمة وعبد الله بن عمر المزني .

وقال البغوي : هم سبعة نفس سمعوا البكائين معقل بن يسار ، وصخر بن خنساء ، وعبد الله بن كعب الأنصاري ، وعلية بن زيد الأنصاري ، وسالم بن عمير ، وثعلبة بن عنمة ، وعبد الله بن مغفل المزني ، قال : أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إن الله عز وجل قد ندبنا إلى الخروج معك فاحملنا . فقال : «لا أجد ما أحملكم عليه » وقال مجاهد : هم بنو مقرن من مزينة وكانوا ثلاثة إخوة . معقل ، وسويد ، والنعمان بنو مقرن . وقيل : نزلت في العرباض بن سارية ، ويحتمل أنها نزلت في كل ما ذكر .

قال ابن عباس : سألوه أن يحملهم على الدواب . وقيل : بل سألوه أن يحملهم على الخفاف المرفوعة والنعال المخصوفة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «لا أجد ما أحملكم عليه » ، فولوا وهم يبكون ولذلك سموا البكائين . فذلك قوله سبحانه وتعالى : { قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع } قال صاحب الكشاف : وكقولك تفيض دمعاً وهو أبلغ من يفيض جمعها لأن العين جعلت كأن كلها دمع فائض ومن البيان كقولك أفديك من رجل { حزناً ألاّ يجدوا ما ينفقون } يعني على أنفسهم في الجهاد .