{ ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم } ، معطوف على ما قبله ، وهم مندرجون في قوله : ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون ، وذكروا على سبيل نفي الحرج عنهم ، وأنهم بالغوا في تحصيل ما يخرجون به إلى الجهاد حتى أفضى بهم الحال إلى المسألة ، والحاجة لبذل ماء وجوههم في طلب ما يحملهم إلى الجهاد ، والاستعانة به حتى يجاهدوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يفوتهم أجر الجهاد .
ويحتمل أنْ لا يندرجوا في قوله : ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون ، بأن يكون هؤلاء هم الذين وجدوا ما ينفقون ، إلا أنهم لم يجدوا المركوب ، وتكون النفقة عبارة عن الزاد لا عبارة عما يحتاج إليه المجاهد من زاد ومركوب وسلاح وغير ذلك مما يحتاج إليه .
وهذه نزلت في العرباض بن سارية .
وقيل : في أبي موسى الأشعري ورهطه .
وقيل : في تسعة نفر من بطون شتى فهم البكاؤون وهم : سالم بن عمير من بني عمرو من بني عوف ، وحرمي بن عمرو من بني واقف ، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب من بني مازن بن النجار ، وسلمان بن صخر من بني المعلى وأبو رعيلة عبد الرحمن بن زيد بن بني حارثة ، وعمرو بن غنمة من بني سلمة ، وعائذ بن عمرو المزني .
وقيل : عبد الله بن عمرو المزني .
وقال مجاهد : البكاؤون هم بنو بكر من مزينة .
وقال الجمهور : نزلت في بني مقرن ، وكانوا ستة إخوة صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس في الصحابة ستة إخوة غيرهم .
ومعنى لتحملهم أي : على ظهر مركب ، ويحمل عليه أثاب المجاهد .
وقال أنس بن مالك : لتحملهم بالزاد .
وقال الحسن بن صالح : بالبغال .
وروي أنّ سبعة من قبائل شتى قالوا : يا رسول الله قد ندبتنا إلى الخروج معك ، فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغزُ معك فقال : { لا أجد ما أحملكم عليه } فتولوا وهم يبكون .
وقرأ معقل بن هارون : لنحملهم بنون الجماعة ، وإذا تقتضي جواباً .
والأولى أن يكون ما يقرب منها وهو قلب ، ويكون قوله : تولوا جواباً لسؤال مقدر كأنه قيل : فما كان حالهم إذ أجابهم الرسول ؟ قيل : تولوا وأعينهم تفيض .
وقيل : جواب إذا تولوا ، وقلب جملة في موضع الحال من الكاف ، أي : إذا ما أتوك قائلاً لا أجد ، وقد قبله مقدر كما قيل في قوله : حصرت صدورهم قاله الزمخشري .
أو على حذف حرف العطف أي : وقلت ، قاله الجرجاني وقاله ابن عطية وقدره : فقلت بالفاء وأعينهم تفيض جملة حالية .
قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : فهل يجوز أن يكون قوله : قلت لا أجد استئنافاً مثله يعني : مثل رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ؟ كأنه قيل : إذا ما أتوك لتحملهم تولوا ، فقيل : ما لهم تولوا باكين ؟ قلت : لا أجد ما أحملهم عليه ، إلا أنه وسط بين الشرط والجزاء كالاعتراض ( قلت ) : نعم ، ويحسن انتهى .
ولا يجوز ولا يحسن في كلام العرب ، فكيف في كلام الله وهو فهم أعجمي ؟ وتقدم الكلام على نحو وأعينهم تفيض من الدمع في أوائل حزب { لتجدن } من سورة المائدة .
وقال الزمخشري : هنا وأعينهم تفيض من الدمع كقولك : تفيض دمعاً ، وهو أبلغ من يفيض دمعها ، لأن العين جعلت كأن كلها دمع فائض .
ومن للبيان كقولك : أفديك من رجل ، ومحل الجار والمجرور النصب على التمييز انتهى .
ولا يجوز ذلك لأنّ التمييز الذي أصله فاعل لا يجوز جره بمن ، وأيضاً فإنه معرفة ، ولا يجوز إلا على رأي الكوفيين الذين يجيزون مجيء التمييز معرفة .
وانتصب حزناً على المفعول له ، والعامل فيه تفيض .
وقال أبو البقاء : أو مصدر في موضع الحال .
وأن لا يجدوا مفعول له أيضاً ، والناصب له حزناً ، قال أبو البقاء : ويجوز أن يتعلق بتفيض انتهى .
ولا يجوز ذلك على إعرابه حزناً مفعولاً له والعامل فيه تفيض ، لأن العامل لا يقض اثنين من المفعول له إلا بالعطف أو البدل .
وقوله : أن لا يجدوا ما ينفقون فيه دلالة على أنهم مندرجون تحت قوله : ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.