الرابعة - قوله تعالى : " ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم " روي أن الآية نزلت في عرباض بن سارية . وقيل : نزلت في عائذ بن عمرو . وقيل : نزلت في بني مقرن - وعلى هذا جمهور المفسرين - وكانوا سبعة إخوة ، كلهم صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس في الصحابة سبعة إخوة غيرهم ، وهم النعمان ومعقل وعقيل وسويد وسنان وسابع لم يسم{[8207]} . بنو مقرن المزنيون سبعة إخوة هاجروا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشاركهم - فيما ذكره ابن عبدالبر وجماعة - في هذه المكرمة غيرهم . وقد قيل : إنهم شهدوا الخندق كلهم . وقيل : نزلت في سبعة نفر من بطون شتى ، وهم البكاؤون أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ليحملهم ، فلم يجد ما يحملهم عليه ؛ ف " تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون " فسموا البكائين . وهم سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف وعلبة بن زيد أخو بني حارثة . وأبو ليلى عبدالرحمن بن كعب من بني مازن بن النجار . وعمرو بن الحمام من بني سلمة . وعبدالله بن المغفل المزني ، وقيل : بل هو عبدالله بن عمرو المزني . وهرمي بن عبدالله أخو بني واقف ، وعرباض بن سارية الفزاري ، هكذا سماهم أبو عمر في كتاب الدرر له . وفيهم اختلاف . قال القشيري : معقل بن يسار وصخر بن خنساء وعبدالله بن كعب الأنصاري ، وسالم بن عمير ، وثعلبة بن غنمة ، وعبدالله بن مغفل وآخر . قالوا : يا نبي الله ، قد ندبتنا للخروج معك ، فاحملنا على الخفاف المرفوعة والنعال المخصوفة نغز معك . فقال : " لا أجد ما أحملكم عليه " فتولوا وهم يبكون . وقال ابن عباس : سألوه أن يحملهم على الدواب ، وكان الرجل يحتاج إلى بعيرين ، بعير يركبه وبعير يحمل ماءه وزاده لبعد الطريق . وقال الحسن : نزلت في أبي موسى وأصحابه أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ليستحملوه ، ووافق ذلك منه غضبا فقال : " والله لا أحملكم ولا أجد ما أحملكم عليه فتولوا يبكون ، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاهم ذودا{[8208]} . فقال أبو موسى : ألست حلفت يا رسول الله ؟ فقال : ( إني إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني ) . قلت : وهذا حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم بلفظه ومعناه . وفي مسلم : فدعا بنا فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى{[8209]} . . . الحديث . وفي آخره : ( فانطلقوا فإنما حملكم الله ) . وقال الحسن أيضا وبكر بن عبدالله : نزلت في عبدالله بن مغفل المزني ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستحمله . قال الجرجاني : التقدير أي ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم وقلت لا أجد . فهو مبتدأ معطوف{[8210]} على ما قبله بغير واو ، والجواب " تولوا " . " وأعينهم تفيض من الدمع " الجملة في موضع نصب على الحال . " حزنا " مصدر . " ألا يجدوا " نصب بأن . وقال النحاس : قال الفراء يجوز أن لا يجدون ، يجعل لا بمعنى ليس . وهو عند البصريين بمعنى أنهم لا يجدون .
الخامسة - والجمهور من العلماء على أن من لا يجد ما ينفقه في غزوه أنه لا يجب عليه . وقال علماؤنا : إذا كانت عادته المسألة لزمه كالحج وخرج على العادة ؛ لأن حاله إذا لم تتغير يتوجه الفرض عليه كتوجهه على الواجد . والله أعلم .
السادسة - قوله تعالى : " وأعينهم تفيض من الدمع " ما يستدل به على قرائن الأحوال . ثم منها ما يفيد العلم الضروري ، ومنها ما يحتمل الترديد . فالأول كمن يمر على دار قد علا فيها النعي وخمشت الخدود وحلقت الشعور وسلقت{[8211]} الأصوات وخرقت الجيوب ونادوا على صاحب الدار بالثبور ، فيعلم أنه قد مات . وأما الثاني فكدموع الأيتام على أبواب الحكام ، قال الله تعالى مخبرا عن إخوة يوسف عليه السلام : " وجاؤوا أباهم عشاء يبكون{[8212]} " [ يوسف : 16 ] . وهم الكاذبون ؛ قال الله تعالى مخبرا عنهم : " وجاؤوا على قميصه بدم كذب " [ يوسف : 18 ] . ومع هذا فإنها قرائن يستدل بها في الغالب فتبني عليها الشهادات بناء على ظواهر الأحوال وغالبها . وقال الشاعر :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.