{ أَفَمَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَآءَ بِسَخْطٍ مّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معنى ذلك : أفمن اتبع رضوان الله في ترك الغلول كمن باء بسخط من الله بغلوله ما غلّ . ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن طريف ، عن الضحاك في قوله : { أفَمَنِ اتّبَعَ رِضُوَانَ اللّهِ } قال : من لم يغلّ . { كَمَنْ بَاءَ بَسَخطٍ مِنَ اللّهِ } : كمن غلّ .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني سفيان بن عيينة ، عن مطرف بن مطرف ، عن الضحاك قوله : { أفَمَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ } قال : من أدّى الخمس . { كَمَنْ بَاءَ بِسَخْطٍ مِنَ اللّهِ } : فاستوجب سخطا من الله .
حدثني به ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { أفَمَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ } على ما أحبّ الناس وسخطوا ، { كَمَنْ بَاءَ بِسَخْطٍ مِنَ اللّهِ } لرضا الناس وسخطهم ؟ يقول : أفمن كان على طاعتي ، فثوابه الجنة ورضوان من ربه ، كمن باء بسخط من الله ، فاستوجب غضبه ، وكان مأواه جهنم وبئس المصير ؟ أسوأ المثلان ؟ أي فاعرفوا .
وأولى التأولين بتأويل الاَية عندي ، قول الضحاك بن مزاحم¹ لأن ذلك عقيب وعبيد الله على الغلول ونهيه عباده عنه ، ثم قال لهم بعد نهيه عن ذلك ووعيده ، أسواء المطيع لله فيما أمره ونهاه ، والعاصي له في ذلك : أي أنهما لا يستويان ولا تستوي حالتاهما عنده ، لأن لمن أطاع الله فيما أمره ونهاه : الجنة ، ولمن عصاه فيما أمره ونهاه : النار . فمعنى قوله : { أفَمَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخْطٍ مِنَ اللّهِ } إذا : أفمن ترك الغلول وما نهاه الله عنه عن معاصيه وعمل بطاعة الله في تركه ذلك وفي غيره مما أمره به ونهاه من فرائضه ، متبعا في كل ذلك رضا الله ، ومجتنبا سخطه ، { كَمَنْ بَاءَ بِسَخْطٍ مِنَ اللّهِ } يعني : كمن انصرف متحملاً سخط الله وغضبه ، فاستحقّ بذلك سكنى جهنم ، يقول : ليسا سواء . وأما قوله : { وَبِئْسَ المَصِير } فإنه يعني : وبئس المصير الذي يصير إليه ويئوب إليه من باء بسخط من الله جهنم .
وقوله تعالى : { أفمن اتبع رضوان الله } الآية ، توقيف على تباين المنزلتين وافتراق الحالتين ، والرضوان : مصدر ، وقرأه عاصم - فيما روي عنه - بضم الراء - وقرأ جميعهم بكسرها ، وحكى أبو عمرو الداني عن الأعمش ، أنه قرأها - بكسر الراء وضم الضاد ، وهذا كله بمعنى واحد مصدر من الرضى ، والمعنى ، اتبعوا الطاعة الكفيلة برضوان الله ، ففي الكلام حذف مضاف{[3693]} ، و { باء بسخط } - معناه : مضى متحملاً له ، والسخط : صفة فعل ، وقد تتردد متى لحظ فيها معنى الإرادة ، وقال الضحاك : إن هذه الآية مشيرة إلى أن من لم يغل واتقى فله الرضوان ، وإلى أن من غل وعصى فله السخط ، وقال غيره : هي مشيرة إلى أن من استشهد - بأحد - فله الرضوان ، وإلى المنافقين الراجعين عن النبي صلى الله عليه وسلم فلهم السخط ، وباقي الآية بّين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.