جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} (125)

القول في تأويل قوله تعالى : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } ( 125 )

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ( ادْعُ ) يا محمد من أرسلك إليه ربك بالدعاء إلى طاعته ، ( إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ ) يقول : إلى شريعة ربك التي شرعها لخلقه ، وهو الإسلام ( بِالْحِكْمَةِ ) ، يقول بوحي الله الذي يوحيه إليك ، وكتابه الذي ينزله عليك ، ( وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) يقول : وبالعبر الجميلة التي جعلها الله حجة عليهم في كتابه ، وذكّرهم بها في تنزيله ، كالتي عدّد عليهم في هذه السورة من حججه ، وذكّرهم فيها ما ذكرهم من آلائه ، ( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ، يقول : وخاصمهم بالخصومة التي هي أحسن من غيرها أن تصفح عما نالوا به عرضك من الأذى ، ولا تعصه في القيام بالواجب عليك من تبليغهم رسالة ربك .

وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .

* ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ، أعرض عن أذاهم إياك .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

وقوله : ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ) ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إن ربك يا محمد هو أعلم بمن جار عن قصد السبيل من المختلفين في السبت وغيره من خلقه ، وحادّ الله ، وهو أعلم بمن كان منهم سالكا قصد السبيل ومَحَجة الحقّ ، وهو مُجازٍ جميعهم جزاءهم عند ورودهم عليه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} (125)

{ ادع } ، من بعثت إليهم . { إلى سبيل ربك } ، إلى الإسلام . { بالحكمة } ، بالمقالة المحكمة ، وهو الدليل الموضح للحق المزيح للشبهة . { والموعظة الحسنة } ، الخطابات المقنعة والعبر النافعة ، فالأولى لدعوة خواص الأمة الطالبين للحقائق ، والثانية لدعوة عوامهم . { وجادلهم } ، وجادل معانديهم . { بالتي هي أحسن } ، بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين وإيثار الوجه الأيسر ، والمقدمات التي هي أشهر فإن ذلك أنفع في تسكين لهبهم وتبيين شغبهم . { إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين } ، أي : إنما عليك البلاغ والدعوة ، وأما حصول الهداية والضلال والمجازاة عليهما فلا إليك بل الله أعلم بالضالين والمهتدين ، وهو المجازي لهم .