مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} (125)

{ ادع إلى سَبِيلِ رَبِّكَ } ، إلى الإسلام ، { بِالْحِكْمَةِ } ، بالمقالة الصحيحة المحكمة ، وهو الدليل الموضح للحق المزيل للشبهة ، { وَالمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } ، وهي التي لا يخفى عليهم أنك تناصحهم بها وتقصد ما ينفعهم فيها ، أو بالقرآن ، أي : ادعهم بالكتاب الذي هو حكمة وموعظة حسنة ، أو الحكمة المعرفة بمراتب الأفعال ، والموعظة الحسنة أن يخلط الرغبة بالرهبة ، والإنذار بالبشارة ، { وَجَادِلُهُم بِالِّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ، بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة ، أو بما يوقظ القلوب ويعظ النفوس ويجلو العقول ، وهو رد على من يأبى المناظرة في الدين ، { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } ، أي : هو أعلم بهم ، فمن كان فيه خير كفاه الوعظ القليل ، ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل .