ولما أمر الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم باتباع إبراهيم عليه الصلاة والسلام بين الشيء الذي أمره بمتابعته فيه بقوله تعالى :{ ادع } ، أي : كل من تمكن دعوته ممن بعثت إليه ، { إلى سبيل ربك } ، أي : المحسن إليك بتسهيل السبيل الذي تدعو إليه واتساعه ، وهو الإسلام الذي هو الملة الحنيفية ، { بالحكمة } ، أي : المعاملة المحكمة وهو الدليل الواضح المزيل للشبهة ، { والموعظة الحسنة } ، أي : بالدعاء إلى الله تعالى بالترغيب والترهيب بالخطابات المتقنة والعبارات النافعة . والأولى لدعوى خواص الأمة الطالبين للحقائق ، والثانية لدعوى عوامهم . { وجادلهم } ، أي : وجادل معانديهم ، { بالتي } ، أي : بالمجادلة التي { هي أحسن } ، كالدعاء إلى الله تعالى بآياته ، والدعاء إلى حججه بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير غلظ ولا تعسف فإن ذلك أنفع في تسكين لهبهم ، وتبيين شبههم ، وقيل : المراد بالحكمة القرآن ، أي : ادعهم بالقرآن والموعظة الحسنة الرفق واللين في الدعوة ، وفي الأمر بالمجادلة التي هي أحسن الإعراض عن أذاهم وعدم التقصير في تبليغ الرسالة والدعاء إلى الحق ، وعلى هذا القول قال بعض علماء التفسير : هذا منسوخ بآية السيف ، وقيل : إنّ الناس خلقوا وجبلوا على ثلاثة أقسام : القسم الأوّل : العلماء الكاملون وهم أصحاب العلوم الصحيحة والبصائر الشافية الذين يطلبون معرفة الأشياء على حقائقها ، فهؤلاء هم المشار إليهم بقوله تعالى : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة } ، أي : ادعهم بالدلائل القطعية اليقينية ، حتى يعلموا الأشياء بحقائقها وينفعوا الناس وهم خواص العلماء من الصحابة وغيرهم . القسم الثاني : أصحاب الفطرة السليمة والخلقة الأصلية ، وهم غالب الناس الذين لم يبلغوا حد الكمال ، ولم ينزلوا إلى حضيض النقصان فهم أوسط الأقسام وهم المشار إليهم بقوله تعالى : { والموعظة الحسنة } ، أي : ادع هؤلاء بالموعظة الحسنة . القسم الثالث : أصحاب جدال وخصام ومعاندة وهؤلاء هم المشار إليهم بقوله تعالى : { وجادلهم بالتي أحسن } ، أي : حتى ينقادوا إلى الحق ويرجعوا إليه .
{ إن ربك } ، المحسن إليك بالتخفيف عنك ، { هو أعلم } ، أي : من كل من يتوهم فيه علم ، { بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين } ، أي : فهو سبحانه وتعالى أعلم بالفريقين ، فمن كان فيه خير كفاه الوعظ والنصيحة اليسيرة ، ومن لا خير فيه عجزت عنه الحيل ، وكأنك تضرب في حديد بارد فما عليك إلا البلاغ والدعوة ، وأمّا حصول الهداية والضلال والمجازاة عليهما فليس ذلك إليك ، وهذا قبل الأمر بالقتال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.