جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا} (2)

القول في تأويل قوله تعالى : { الّذِي لَهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَمْ يَتّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَخَلَقَ كُلّ شَيْءٍ فَقَدّرَهُ تَقْدِيراً } .

يقول تعالى ذكره : تَبَارَكَ الّذِي نَزّلَ الفُرْقانَ . . . الّذِي لَهُ مُلْكُ السّمَوَاتِ والأرْضِ ف «الذي » من نعت «الذي » الأولى ، وهما جميعا في موضع رفع ، الأولى بقوله «تبارك » ، والثانية نعت لها . ويعني بقوله : الّذِي لَهُ مُلْكُ السّمَوَاتِ والأرْضِ الذي له سلطان السموات والأرض يُنْفِذ في جميعها أمره وقضاءه ، ويُمْضِي في كلها أحكامه . يقول : فحقّ على من كان كذلك أن يطيعه أهل مملكته ومَنْ في سلطانه ولا يعصُوه ، يقول : فلا تعصُوا نذيري إليكم أيها الناس ، واتبعوه ، واعملوا بما جاءكم به من الحقّ . ولَمْ يَتّخِذْ وَلَدا يقول تكذيبا لمن أضاف إليه الولد وقال الملائكة بنات الله : ما اتخذ الذي نزّل الفرقان على عبده ولدا . فمن أضاف إليه ولدا فقد كذب وافترى على ربه . ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ في المُلْكِ يقول تكذيبا لمن كان يضيف الأُلوهة إلى الأصنام ويعبدها من دون الله من مشركي العرب ويقول في تلبيته «لَبّيك لا شريك لك ، إلاّ شريكا هو لك ، تملكه وما ملك » : كذب قائلوا هذا القول ، ما كان لله شريك في مُلكه وسلطانه فيصلح أن يُعْبد من دونه يقول تعالى ذكره : فأفرِدوا أيها الناس لربكم الذي نزّل الفرقان على عبده محمد نبيه صلى الله عليه وسلم الألُوهة ، وأخلِصوا له العبادة ، دون كلّ ما تعبدونه من دونه من الاَلهة والأصنام والملائكة والجنّ والإنس ، فإن كلّ ذلك خلقه وفي ملكه ، فلا تصلح العبادة إلا لله الذي هو مالك جمعي ذلك . وقوله : وَخَلَقَ كُلّ شَيْءٍ يقول تعالى ذكره : وخلق الذي نزل على محمد الفرقان كل شيء ، فالأشياء كلها خلقه ومِلْكه ، وعلى المماليك طاعة مالكهم وخدمة سيدهم دون غيره . يقول : وأنا خالقكم ومالككم ، فأخلصوا لي العبادة دون غيري . وقوله : فَقَدّرَهُ تَقْدِيرا يقول : فسوّى كلّ ما خلق وهيأه لما يصلح له ، فلا خَلَل فيه ولا تفاوت .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ يَتَّخِذۡ وَلَدٗا وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيۡءٖ فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِيرٗا} (2)

{ الذي له ملك السموات والأرض } بدل من الأول أو مدح مرفوع أو منصوب . { ولم يتخذ ولدا } كزعم النصارى . { ولم يكن له شريك في الملك } كقول الثنوية أثبت له الملك مطلقا ونفى ما يقوم مقامه وما يقاومه فيه ثم نبه على ما يدل عليه فقال : { وخلق كل شيء } أحدثه إحداثا مراعى فيه التقدير حسب إرادته كخلقه الإنسان من مواد مخصوصة وصور وأشكال معينة . { فقدره تقديرا } فقدره وهيأه لما أراد منه من الخصائص والأفعال ، كتهيئة الإنسان للإدراك والفهم والنظر والتدبير واستنباط الصنائع المتنوعة ومزاولة الأعمال المختلفة إلى غير ذلك ، أو { فقدره } للبقاء إلى أجل مسمى . وقد يطلق الخلق لمجرد الإيجاد من غير نظر إلى وجه الاشتقاق فيكون المعنى وأوجد كل شيء فقدره في إيجاده حتى لا يكون متفاوتا .