{ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ } . قرأ الكوفيون{[37180]} وابن ذكوان : «حاذرون » بألف . والباقون : «حذرون » بدونها{[37181]} . فقال أبو عبيدة والزجاج : هما بمعنى واحد ، يقال : رجل حذر{[37182]} وحاذر بمعنى{[37183]} .
وقيل : بل بينهما فرق ، فالحذر : المتيقظ . والحاذر : الخائف{[37184]} . وقيل : الحذر : المخلوق مجبولاً على الحذر . والحاذر : ما عرض له ذلك{[37185]} .
وقيل : الحذر : المتسلح الذي له شوكة سلاح{[37186]} ، وأنشد سيبويه في إعمال «حَذِر » على أنه مثال مبالغة محول من حاذر قوله :
3905 - حَذِرٌ أُمُوراً لاَ تَضِيرُ وَآمِنٌ *** مَا لَيْسَ مُنْجِيهِ مِنَ الأَقْدَارِ{[37187]}
وزعم بعضهم أن سيبويه لمَّا سأله : هل يحفظ شيئاً في إعمال «فَعِل » ؟ صنع له هذا البيت ، فعيب على سيبويه : كيف يأخذ الشواهد الموضوعة ؟ .
وهذا غلط ، فإن هذا الشخص قد أقر على نفسه بالكذب ، فلا يقدح قوله في سيبويه . والذي ادعى أنه صنع البيت هو الأخفش{[37188]} . و «حَذِر » يتعدى بنفسه ، قال تعالى : { يَحْذَرُ الآخرة } [ الزمر : 9 ] ، وقال العباس بن مرداس{[37189]} :
3906 - وَإِنِّي حَاذِرٌ أَنْمِي سِلاَحِي*** إلَى أَوْصَال ذَيَّالٍ مَنِيعِ{[37190]}
وقرأ ابن السميفع وابن أبي عمار{[37191]} : «حَادِرُونَ »{[37192]} بالدال المهملة{[37193]} من قولهم : عين حدرة ، أي : عظيمة{[37194]} ، كقولهم :
3907 - وَعَيْنٌ لَهَا حَدْرَةٌ بَدْرَةٌ{[37195]} *** . . .
والمعنى : عظيماً . وقيل : الحادر : القوي الممتلىء ، وحكي : رجل حادر ، أي : ممتلىء غيظاً ، ورجل حادر ، أي : أحمق ، كأنه ممتلىء من الحمق قال :
3908 - أُحِبُّ الغُلاَمَ السُّوءَ مِنْ أَجْلِ أُمِّه *** وَأَبْغَضُهُ مِنْ بُغْضِهَا وَهْوَ حَادِرُ{[37196]}
ويقال أيضاً رجل [ حَدُرٌ بزنة يقظ مبالغة في ( حادر ) من هذا المعنى{[37197]} ، فصار يقال ]{[37198]} حَذِر وحَذُر وحَاذِرِ بالذال المعجمة والمهملة والمعنى مختلف .
واعلم أن الصفة إذا كانت جارية على الفعل وهو اسم الفاعل واسم المفعول كالضارب والمضروب أفادت الحدوث . وإذا لم تكن كذلك وهي المشبهة [ أفادت الثبوت . فمن قرأ «حَذِرُونَ »{[37199]} ]{[37200]} ذهب إلى معنى أنا قوم من عادتنا الحذر واستعمال الحزم ومن قرأ : «حَاذِرُون » ذهب إلى معنى : إنا قوم ما عهدنا أن نحذر إلا عصرنا هذا . ومن قرأ : «حَادِرُون »{[37201]} بالدال المهملة{[37202]} ، فكأنه ذهب إلى نفي أصلاً ، لأن الحادر{[37203]} هو السمين ، فأراد : إنا قوم أقوياء أشداء ، أو أراد : إنا شاكون في السلاح . والغرض من هذه التقادير ألا يتوهم أهل المدائن أنه منكسر من قوم موسى ، أو خائف منهم{[37204]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.