جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{لِنَجۡعَلَهَا لَكُمۡ تَذۡكِرَةٗ وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ} (12)

وقوله : لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً يقول : لنجعل السفينة الجارية التي حملناكم فيها لكم تذكرة ، يعني عبرة وموعظة تتعظون بها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً فأبقاها الله تذكرة وعبرة وآية حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة ، وكم من سفينة قد كانت بعد سفينة نوح قد صارت رمادا .

وقوله : وَتَعِيها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ يعني حافظة عقلت عن الله ما سمعت . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس وَتَعِيَها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ يقول : حافظة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس وَتَعِيها أُذُنٌ وَاعِيَة يقول : سامعة ، وذلك الإعلان . ذكر من قال ذلك :

حدثنا نصر بن عليّ ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا خالد بن قيس ، عن قتادة وَتَعِيها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ قال : أذن عقلت عن الله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَتَعِيها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ أذن عقلت عن الله ، فانتفعت بما سمعت من كتاب الله .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة أُذُنٌ وَاعِيَةٌ قال : أذن سمعت ، وعقلت ما سمعت .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : الضحاك يقول في قوله : وَتَعِيَها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ سمعتها أذن ووعت .

حدثنا عليّ بن سهل ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن عليّ بن حوشب ، قال : سمعت مكحولاً يقول : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : وَتَعِيها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ثم التفت إلى عليّ ، فقال : «سأَلْتُ اللّهَ أنْ يَجْعَلَها أُذُنَكَ » ، قال عليّ رضي الله عنه : فما سمعت شيئا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسيته .

حدثني محمد بن خلف ، قال : ثني بشر بن آدم ، قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، قال : ثني عبد الله بن رستم ، قال : سمعت بُرَيدة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعليّ : «يا عَليّ إنّ اللّهَ أمَرَنِي أنْ أُدْنِيَكَ وَلا أُقْصِيَكَ ، وأنْ أُعَلّمَكَ ، وأنْ تَعيَ ، وحَقّ على اللّهِ أنْ تَعِيَ » ، قال : فنزلت وَتَعِيها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ .

حدثني محمد بن خلف ، قال : حدثنا الحسن بن حماد ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أبو يحيى التيميّ عن فضيل بن عبد الله ، عن أبي داود ، عن بُرَيدة الأسلميّ ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعليّ : «إنّ اللّهَ أمَرَني أنْ أُعَلّمَكَ وأنْ أُدْنِيَكَ وَلا أجْفُوَكَ وَلا أُقْصِيَكَ » ، ثم ذكر مثله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَتَعِيها أُذُنٌ وَاعِيَةٌ قال : واعية يحذرون معاصي الله أن يعذّبهم الله عليها ، كما عذّب من كان قبلهم تسمعها فتعيها ، إنما تعي القلوب ما تسمع الاَذان من الخير والشرّ من باب الوعي .