فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لِنَجۡعَلَهَا لَكُمۡ تَذۡكِرَةٗ وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ} (12)

{ لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً } أي لنجعل هذه الأمور المذكورة لكم يا أمة محمد عبرة وموعظة تستدلون بها على عظيم قدرة الله وبديع صنعه ، أو لنجعل هذه الفعلة التي هي عبارة عن إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين لكم تذكرة { وَتَعِيَهَا أُذُنٌ واعية } أي تحفظها بعد سماعها أذن حافظة لما سمعت . قال الزجاج : يقال : أوعيت كذا : أي حفظته في نفسي أعيه وعياً ، ووعيت العلم ، ووعيت ما قلته كله بمعنى ، وأوعيت المتاع في الوعاء ، ويقال لكل ما وعيته في غير نفسك أوعيته بالألف ، ولما حفظته في نفسك وعيته بغير ألف . قال قتادة في تفسير الآية : أذن سمعت وعقلت ما سمعت . قال الفراء : المعنى : لتحفظها كل أذن عظة لمن يأتي بعد . قرأ الجمهور { تَعِيَهَا } بكسر العين . وقرأ طلحة بن مصرّف وحميد الأعرج وأبو عمرو في رواية عنه بإسكان العين تشبيهاً لهذه الكلمة برحم وشهد وإن لم تكن من ذلك . قال الرازي : وروي عن ابن كثير إسكان العين ، جعل حرف المضارعة مع ما بعده بمنزلة كلمة واحدة ، فخفف وأسكن كما أسكن الحرف المتوسط من فخذ وكبد وكتف ، انتهى . والأولى أن يكون هذا من باب إجراء الوصل مجرى الوقف ، كما في قراءة من قرأ : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } [ الأنعام : 109 ] بسكون الراء . قال القرطبي : واختلفت القراءة فيها عن عاصم ، وابن كثير : يعني : تعيها .

/خ18