الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لِنَجۡعَلَهَا لَكُمۡ تَذۡكِرَةٗ وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ} (12)

{ لِنَجْعَلَهَا } الضمير للفعلة : وهي نجاة المؤمنين وإغراق الكفرة { تَذْكِرَةً } عظة وعبرة { أُذُنٌ واعية } من شأنها أن تعي وتحفظ ما سمعت به ولا تضيعه بترك العمل ، وكل ما حفظته في نفسك فقد وعيته وما حفظته في غير نفسك فقد أوعيته كقولك : وعيت الشيء في الظرف . وعن النبي صلى الله عليه وسلم . أنه قال لعليّ رضي اللَّه عنه عند نزول هذه الآية : " سألت اللَّه أن يجعلها أذنك يا عليّ " قال عليّ رضي اللَّه عنه : فما نسيت شيئاً بعد وما كان لي أن أنسى .

فإن قلت : لم قيل : أذن واعية ، على التوحيد والتنكير ؟ قلت : للإيذان بأن الوعاة فيهم قلة ، ولتوبيخ الناس بقلة من يعي منهم ؛ وللدلالة على أن الأذن الواحدة إذا وعت وعقلت عن اللَّه فهي السواد الأعظم عند اللَّه ، وأن ما سواها لا يبالي بهم بالة وإن ملئوا ما بين الخافقين . وقرىء : «وتعيها » بسكون العين للتخفيف : شبه تعي بكبد .