المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{لِنَجۡعَلَهَا لَكُمۡ تَذۡكِرَةٗ وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ} (12)

وقوله تعالى : { وتعيها أذن واعية } عبارة عن الرجل الفهم المنور القلب ، الذي يسمع القول فيتلقاه بفهم وتدبر . قال أبو عمران الجوني : { واعية } عقلت عن الله عز وجل . ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه :

«إني دعوت الله تعالى أن يجعلها أذنك يا علي » . قال علي : فما سمعت بعد ذلك شيئاً فنسيته{[11281]} . وقرأ الجمهور : «تعِيها » بكسر العين على وزن تليها . وقرأ ابن كثير في رواية الحلواني وقنبل وابن مصرف : «وتَعْيها » بسكون العين جعل التاء التي هي علامة في المضارع بمنزلة الكاف من كتف إذ حرف المضارع لا يفارق الفعل فسكن تخفيفاً كما يقال : كتف ونحو هذا قول الشاعر :

قالت سليمى اشترْ لنا سويقا{[11282]}*** على أن هذا البيت منفصل ، فهو أبعد لكن ضرورة الشعر تسامح به .


[11281]:ذكره الثعلبي عن الحسن، وأخرج نحوه سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن مكحول قال: لما نزلت (وتعيها أذن واعية) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سألت ربي أن يجعلها أذن علي)، قال مكحول: فكان علي يقول: "ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فنسيته".
[11282]:السويق: طعام يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير، سمي بذلك لانسياقه في الحلق، والجمع أسوقه، وقد ذكر ابن عطية أن التسكين في البيت ضرورة شعرية تسمح به.