فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِنَجۡعَلَهَا لَكُمۡ تَذۡكِرَةٗ وَتَعِيَهَآ أُذُنٞ وَٰعِيَةٞ} (12)

ولما كان المقصود من ذكر قصص هذه الأمم وذكر ما حل بهم من العذاب زجر هذه الأمة عن الاقتداء بهم في معصية الرسول قال { لنجعلها } أي هذه الأمور المذكورة { لكم } يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم { تذكرة } أي عبرة وموعظة تستدلون بها على عظيم قدرة الله سبحانه وبديع صنعه أو لنجعل هذه الفعلة التي هي عبارة عن إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين لكم تذكرة أو هذه السفينة حتى أدركها أوائل هذه الأمة ، قال ابن جريج كانت ألواحها على الجودي ، والمعنى أبقيت لكم تلك الخشبات حتى تذكر .

{ وتعيها أذن واعية } أي تحفظها بعد سماعها أذن حافظة لما سمعت ، قال الزجاج يقال أوعيت كذا أي حفظته في نفسي أعيه وعيا ووعيت العلم ووعيت ما قلته كله بمعنى وأوعيت المتاع في الوعاء ، ويقال لكل ما وعيته في غير نفسك أوعيته بالألف ولما حفظته في نفسك وعيته بغير ألف .

قال قتادة : في تفسير هذه الآية سمعت وعقلت ما سمعت ، قال الفراء : المعنى لتحفظها كل أذن عظة لمن يأتي بعد ، وتعيها بكسر العين باتفاق القراء السبعة ، وقرئ بإسكانها تشبيها لهذه الكلمة برحم وشهد وإن لم تكن من ذلك وجعل الأذن حافظة ومستمعة ومتذكرة ومتفكرة وعاملة تجوز لأن الفاعل لذلك صاحبها ولا ينسب إليها غير السمع ، وإنما أتى به مشاكلة لقوله واعية .

عن علي في الآية قال : " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي فقال علي ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فنسيته " أخرجه سعيد بن منصور وأبو نعيم وغيرهما . قال ابن كثير وهو حديث مرسل .

وعن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي " إن الله أمرني أن أدينك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي ، وحق لك أن تعي ، فنزلت هذه الآية { وتعيها أذن واعية } فأتت أُذن واعية لعلي " أخرجه ابن جرير وغيره ، قال ابن كثير ولا يصح وعن ابن عمر قال أذن عقلت عن الله .