التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ} (43)

وقوله { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث سِرَاعاً } بدل من { يَوْمَهُمُ } . والأجداث جمع جدث - بفتح الجيم الدال - وهو القبر . أى : اتركهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم المحتوم . وهو اليوم الذى يخرجون فيه من قبورهم مسرعين إلى الداعى .

{ كَأَنَّهُمْ إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } والنصب - بضمتين - حجارة كانوا يعظمونها . وقيل : هى الأصنام ، وسميت بذلك لأنهم كانوا ينصبونها ويقيمونها للعبادة .

{ يُوفِضُونَ } أى : يسرعون . يقال : وفَض فلان يفِض وفْضاً - كوعد - إذا أسرع فى سيره . أى : يخرجون من قبورهم مسرعين إلى الداعى ، مستبقين إليه ، كما كانوا فى الدنيا يسرعون نحو أصنامهم وآلهتهم لكى يستلموها ، ويلتمسوا منها الشفاعة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ} (43)

وإضافة ( يوم ) إلى ضميرهم لأدنى ملابسة .

وقرأ الجمهور { يلاقوا } بألف بعد اللام من الملاقاة . وقرأه أبو جعفر بدون ألف من اللقاء .

واللقاء : مجاز على كل تقدير : فعلى قراءة الجمهور هو مجاز من جهتين لأن اليوم لا يَلقى ولا يُلقى . وعلى قراءة أبي جعفر هو مجاز من جهة واحدة لأن اللقاء إنما يقع بين الذَّوات .

و { يوم يخرجون من الأجداث } بدل من { يومَهم } ليس ظرفاً .

والخروج : بروز أجسادهم من الأرض .

وقرأ الجمهور { يخرجون } بفتح التحتية على البناء للفاعل . وقرأه أبو بكر عن عاصم بضمها على البناء للمفعول .

و { الأجداث } : جمع جدث بفتحتين وهو القبر ، والقبر : حفير يجعل لمواراة الميت .

وضمير { يخرجون } عائد إلى المشركين المخبر عنه بالأخبار السابقة . وجميعهم قد دفنوا في قبور أو وضعوا في قليب بدر .

والنَّصْب بفتح فسكون : الصنم ، ويقال : نُصُب بضمتين ، ووجه تسميته نصباً أنه ينصب للعبادة ، قال الأعشى :

وذا النُصُبَ المنصوبَ لا تنسكنه *** ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا

و { يوفِضون } مضارع أوفض ، إذا أسرع وعدا في سيره ، أي كأنهم ذاهبون إلى صنم ، شُبه إسراعهم يوم القيامة إلى الحشر بإسراعهم في الدنيا إلى الأصنام لزيارتها لأن لهذا الإِسراع اختصاصاً بهم ، وفي هذا التشبيه إدماج لتفظيع حالهم في عبادة الأصنام وإيماء إلى أن إسراعهم يوم القيامة إسراع دعَ ، ودفع جزاء على إسراعهم للأصنام .

وقرأ الجمهور { نَصْب } بفتح النون وسكون الصاد . وقرأه ابن عامر وحفص عن عاصم بضم النون والصاد .