المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ} (43)

وروي عن ابن كثير أنه قرأ : «يلقوا » بغير ألف ، وهي قراءة أبي جعفر وابن محيصن . و { يوم يخرجون } بدل من قولهم { يومهم } . وقرأ الجمهور : «يَخرُجون » بفتح الياء وضم الراء . وروى أبو بكر عن عاصم : ضم الياء وفتح الراء . و : { الأجداث } القبور ، والنصب : ما نصب للإنسان فهو يقصد مسرعاً إليه من علم أو بناء أو صنم لأهل الأصنام . وقد كثر استعمال هذا الاسم في الأصنام حتى قيل لها الأنصاب ، ويقال لشبكة الصائد نصب . وقال أبو العالية { إلى نصب يوفضون } معناه : إلى غايات يستبقون . وقرأ جمهور السبعة وأبو بكر عن عاصم «نَصب » بفتح النون{[11337]} ، وهي قراءة أبي جعفر ومجاهد وشيبة وابن وثاب والأعرج ، وقرأ الحسن وقتادة بخلاف عنهما : «نُصب » بضم النون{[11338]} . وقرأ ابن عامر وحفص عن عاصم : «نُصُب » بضم النون والصاد وهي قراءة الحسن أيضاً وأبي العالية وزيد بن ثابت وأبي رجاء وقرأ مجاهد وأبو عمران الجوني «إلى نَصَب » بفتح النون والصاد و { يوفضون } معناه : يسرعون ومنه قول الراجز : [ الرجز ]

لأنعتنّ نعامة ميفاضا*** خرجاء ظلت تطلب الاضاضا{[11339]}


[11337]:مع سكون الصاد، نص على ذلك كل من القرطبي وأبي حيان في تفسيريهما.
[11338]:مع سكون الصاد، قال ذلك أبو حيان في "البحر المحيط".
[11339]:هذا الرجز في اللسان (أضض- ووفض)، واستشهد به أبو حيان الأندلسي في "البحر" وكذلك ذكره الفراء في "معاني القرآن". ولم ينسب أحد هذا الرجز، والنعامة الميفاض: المسرعة، والخرجاء هي التي فيها لونان سواد وبياض، وقيل: التي لون سوادها أكثر من بياضها، يقال: أخرجت النعامة فهي خرجاء، والإضاض هو الملجأ، قال الفراء: "تطلب الإضاض" معناه: تطلب موضعا تدخل فيه وتلجأ إليه، وفي الطبري واللسان "تغدو" بدلا من "تطلب". يصف الشاعر النعامة بأنها سريعة، وبأن لونها بين السواد والبياض، وبأنها خائفة تطلب ملجأ تلجأ إليه.