مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ} (43)

ثم ذكر تعالى ذلك اليوم الذي تقدم ذكره فقال : { يوم يخرجون من الأجداث سراعا } وهو كقوله : { فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون } .

قوله تعالى : { كأنهم إلى نصب يوفضون ، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون } .

اعلم أن في { نصب } ثلاث قراءات ( أحدها ) وهي قراءة الجمهور { نصب } بفتح النون والنصب كل شيء نصب والمعنى كأنهم إلى علم لهم يستبقون ( والقراءة الثانية ) { نصب } بضم النون وسكون الصاد وفيه وجهان ( أحدهما ) النصب والنصب لغتان مثل الضعف والضعف ( وثانيهما ) أن يكون جمع نصب كشقف جمع شقف ( والقراءة الثالثة ) { نصب } بضم النون والصاد ، وفيه وجهان ( أحدهما ) أن يكون النصب والنصب كلاهما يكونان جمع نصب كأسد وأسد جمع أسد ( وثانيهما ) أن يكون المراد من النصب الأنصاب وهي الأشياء التي تنصب فتعبد من دون الله كقوله : { وما ذبح على النصب } وقوله : { يوفضون } يسرعون ، ومعنى الآية على هذا الوجه أنهم يوم يخرجون من الأجداث يسرعون إلى الداعي مستبقين كما كانوا يستبقون إلى أنصارهم ، وبقية السورة معلومة ، والله سبحانه وتعالى أعلم والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .