النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ} (43)

{ يوم يَخْرجون من الأجداثِ سِراعاً } يعني من القبور .

{ كأنهم إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } في " نصب " قراءتان : إحداهما بتسكين الصاد ، والأخرى بضمها .

وفي اختلافهما وجهان :

أحدهما : معناهما واحد ، قاله المفضل وطائفة ، فعلى هذا في تأويله أربعة أوجه :

أحدها : معناه إلى علم يستبقون ، قاله قتادة .

الثاني : إلى غايات يستبقون ، قاله أبو العالية .

الثالث : إلى أصنامهم يسرعون ، قاله ابن زيد ، وقيل إنها حجارة طوال كانوا يعبدونها .

الرابع : إلى صخرة بيت المقدس يسرعون .

والوجه الثاني من الأصل أن معنى القراءتين مختلف ، فعلى هذا في اختلافهما وجهان :

أحدهما : أن النُّصْب بالتسكين الغاية التي تنصب إليها بصرك ، والنُّصُب بالضم واحد الأنصاب ، وهي الأصنام ، قاله أبو عبيدة{[3084]} .

ومعنى " يوفضون " يسرعون ، والإيفاض الإسراع ، ومنه قول رؤبة :

يمشين بنا الجد على الإيفاض *** بقطع أجواز الفلا انفضاض .


[3084]:هكذا في الأصل ولم يذكر الوجه الثاني. وأقول: من معاني النصب الداء والبلاء والشر ومثلها النصب. ومنه قوله تعالى على لسان أيوب عليه السلام: أني مسني الشيطان بنصب وعذاب (آية 41 ص). انظر اللسان –نصب.