السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ سِرَاعٗا كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ يُوفِضُونَ} (43)

وقوله تعالى : { يوم يخرجون } يجوز أن يكون بدلاً من يومهم أو منصوباً بإضمار أعني { من الأجداث } أي : القبور التي صاروا بتغييبهم فيها تحت وقع الحوافر والخف ، فهم بحيث لا يدفعون شيئاً يفعل بهم بل هم كلحم في فم ماضغ ، فإنّ الجدث : القبر والجدثة صوت الحافر والخف ومضغ اللحم .

وقوله تعالى : { سراعاً } أي : نحو صوت الداعي ذاهبين إلى المحشر ، حال من فاعل يخرجون جمع سريع كظراف في ظريف ، وقرأ قوله تعالى : { كأنهم إلى نصب } ابن عامر وحفص بضم النون والصاد ، والباقون بفتح النون وإسكان الصاد على أنه مصدر بمعنى المفعول كما تقول هذا نصب عيني وضرب الأمير ، والنصب كل ما نصب فعبد من دون الله { يوفضون } أي : يسرعون إلى الداعي مستبقين كما كانوا يستبقون إلى أنصابهم . وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : إلى نصب ، أي : إلى غاية وهي التي ينتصب إليها بصرك ، وقال الكلبي : هو شيء منصوب علم أو راية . وقال الحسن : كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله تعالى لا يلوي أوّلهم على آخرهم .