وبعد أن نفر - سبحانه - من جريمة الزنا أعظم تنفير ، وأمر بتنفيذ عقوبته فى مرتكبها بدون رأفة أو تساهل . . . أتبع ذلك بتشريعات أخرى من شأنها أن تحمى أعراض الناس وأنفسهم من اعتداء المعتدين ، فقال - تعالى - : { والذين يَرْمُونَ . . . } .
قوله - تعالى - { يَرْمُونَ } من الرمى ، وأصله القذف بشىء صلب أو ما يشبهه تقول : رمى فلان فلانا بحجر . إذا قذفه به . والمراد به هنا : الشتم والقذف بفاحشة الزنا ، أو ما يستلزمه كالطعن فى النسب .
قال الإمام الرازى : وقد أجمع العلماء على أن المراد هنا : الرمى بالزنا .
وفى الآية أقوال تدل عليه . أحدها : تقدم ذكر الزنا . وثانيها : أنه - تعالى - ذكر المحصنات ، وهن العفائف ، فدل ذلك على أن المراد بالرمى رميهن بضد العفاف ، وثالثها : قوله { ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } يعنى على صحة ما رموهن به ، ومعلوم أن هذا العدد من الشهود غير مشروط إلا بالزنا ، ورابعها : انعقاد الإجماع على أنه لا يجب الجلد بالرمى بغير الزنا . فوجب أن يكون المراد هنا هو الرمى بالزنا . . . " .
و " المحصنات " جمع محصنة ، والإحصان فى اللغة بمعنى المنع ، هذه درع حصينة ، أى : مانعة صاحبها من الجراحة . ويقال هذا موضع حصين ، أى : مانع من يريده بسوء .
والمراد بالمحصنات هنا : النساء العفيفات البعيدات عن كل ريبة وفاحشة .
وسميت المرأة العفيفة بذلك . لأنها تمنع نفسها من كل سوء .
قالوا : ويطلق الإحصان على المرأة والرجل ، إذا توفرت فيهما صفات العفاف . والإسلام ، والحرية ، والزواج .
وأنما خص - سبحانه - النساء بالذكر هنا : لأن قذفهن أشنع ، والعار الذى يلحقهن بسبب ذلك أشد ، وإلا فالرجال والنساء فى هذه الأحكام سواء .
وقوله - تعالى - : { والذين يَرْمُونَ المحصنات . . . } مبتدأ ، أخبر عنه بعد ذلك بثلاث جمل ، وهى قوله : " فاجلدوهم . . . ، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ، وأولئك هم الفاسقون " .
والمعنى أن الذين يرمون النساء العفيفات بالفاحشة ، ثم لم يأتوا بأربعة شهداء يشهدون لهم على صحة ما قذفوهن به ، فاجلدوا - أيها الحكام - هؤلاء القاذفين ثمانين جلدة ، عقابا لهم على ما تفوهوا به من سوء فى حق هؤلاء المحصنات ، ولا تقبلوا لهؤلاء القاذسفين شهادة أبدا بسبب إلصاقهم التهم الكاذبة بمن هو بىء منها . وأولئك هم الفاسقون . أى : الخارجون على أحكام شريعة الله - تعالى - وعلى آدابها السامية .
فأنت ترى أن الله - تعالى - قد عاقب هؤلاء القاذفين للمحصنات بثلاث عقوبات .
أولاها : حسية ، وتتمثل فى جلدهم ثمانين جلدة ، وهى عقوبة قريبة من عقوبة الزنا .
وثانيتها : معنوية ، وتتمثل فى عدم قبول شهادتهم ، بأن تهدر أقوالهم ، ويصيرون فى المجتمع أشبه ما يكونون بالمنبوذين ، الذين إن قالوا لا يصدق الناس أقوالهم ، وإن شهدوا لا تقبل شهادتهم ، لأنهم انسخلت عنهم صفة الثقة من الناس فيهم .
وثالثتها : دينية ، وتتمثل فى وصف الله - تعالى - لهم بالفسق . أى : بالخروج عن طاعته - سبحانه - وعن آداب دينه وشريعته .
وما عاقب الله - تعالى - هؤلاء القاذفين فى أعراض الناس ، بتلك العقوبات الرادعة ، إلا لحكم من أهمها : حماية أعراض المسلمين من ألسنة السوء ، وصيانتهم من لك ما يخدش كرامتهم ، ويجرح عفافهم .
وأقسى شىء على النفوس الحرة الشريفة الطاهرة ، أن تلصق بهم التهم الباطلة . وعلى رأس الرذائل التى تؤدى إلى فساد المجتمع ، ترك ألسنة السوء تنهش أعراض الشرفاء ، دون أن تجد هذه الألسنة من يخرسها أو يردعها .
وقد اتفق الفقهاء على أن الاستثناء فى قوله - تعالى - { إِلاَّ الذين تَابُواْ مِن بَعْدِ ذلك وَأَصْلَحُواْ } يعود على الجملة الأخيرة . بمعنى أن صفة الفسق لا تزول عن هؤلاء القاذفين للمحصنات إلا بعد توبتهم وصلاح حالهم .
أى : وأولئك القاذفون للمحصنات دون أن يأتوا بأربعة شهداء على صحة ما قالوه . هم الفاسقون الخارجون عن طاعة الله - تعالى - ، إلا الذين تابوا منهم من بعد ذلك توبة صادقة نصوحا ، وأصحلوا أحوالهم وأعمالهم ، فإن الله - تعالى - كفيل بمغفرة ذنوبهم ، وبشمولهم برحمته .
كما اتفقوا - أيضا - على أن هذا الاستثناء لا يعود إلى العقوبة الأولى وهى الجلد ، لأن هذه العقوبة يجب أن تنفذ عليهم ، متى ثبت قذفهم للمحصنات ، حتى ولو تابوا وأصلحوا .
والخلاف إنما هو فى العقوبة الوسطى وهى قبول شهادتهم ، فجمهور الفقهاء يرون صحة عودة الاستثناء عليها بعد التوبة ، فيكون المعنى : إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ، فاقبلوا شهادتهم .
ويرى الإمام أبو حنيفة أن الاستثناء لا يرجع إلى قبول شهادتهم ، وإنما يرجع فقط إلى العقوبة الأخيرة وهى الفسق ، فهم لا تقبل شهادتهم أبدا أى : طول مدة حياتهم ، حتى وإن تابوا وأصلحوا .
وقد فصل القول فى هذه المسألة الإمام القرطبى فقال ما ملخصه : " تضمنت الآية ثلاثة أحكام فى القاذف : جلده ، ورد شهادته أبدا ، وفسقه .
فالاستثناء غير عامل فى جلده وإن تاب - أى أنه يجلد حتى ولو تاب .
وعامل فى فسقه بإجماع . أى : أن صفة الفسق تزول عنه بعد ثبوت توبته .
واختلف الناس فى عمله فى رد الشهادة . فقال أبو حنيفة وغيره : " لا يعمل الاستثناء فى رد شهادته . وإنما يزول فسقه عند الله - تعالى - . وأما شهادة القاذف فلا تقبل ألبتة . ولو تاب وأكذب نفسه ، ولا بحال من الأحوال .
وقال الجمهور : الاستثناء عامل فى رد الشهادة ، فإذا تاب القاذف قبلت شهادته ، وإنما كان ردها لعلة الفسق ، فإذا زال بالتوبة قبلت شهادته مطلقا ، قبل الحد وبعده . وهو قول عامة الفقهاء .
ثم اختلفوا فى صورة توبته ، فمذهب عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - والشعبى وغيره : أن توبته لا تكون - مقبولة - إلا إذا كذب نفسه فى ذلك القذف الذى حد فيه .
وقالت فرقة منها مالك وغيره : توبته أن يصلح ويحسن حاله ، وإن لم يرجع عن قوله بتكذيب ، وحسبه الندم على قذفه ، والاستغفار منه ، وترك العود إلى مثله " .
ويبدو لنا أن ما أفتى به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هو الأولى بالقبول ، لأن اعتراف القاذف بكذبه ، فيه محو لآثار هذا القذف ، وفيه تبرئة صريحة للمقذوف ، وهذه التبرئة تزيده انشراحا وسرورا ، وترد إليه اعتباره بين أفراد المجتمع .
كما يبدو لنا أن الأَوْلى فى هذه الحالة أن تقبل شهادة القاذف ، بعد هذه التوبة التى صاحبها اعتراف منه بكذبه فيما قال : لأن إقدامه على تكذيب نفسه قرينة على صدق توبته وصلاح حاله .
وهكذا يحمى الإسلام أعراض أتباعه ، بهذه التشريعات الحكيمة ، التى يؤدى اتباعها إلى السعادة فى الدنيا والآخرة .
ثم قال تعالى : { إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ، اختلف العلماء في هذا الاستثناء : هل يعود إلى الجملة الأخيرة فقط فترفع التوبة الفسق فقط ، ويبقى مردود الشهادة دائما وإن تاب ، أو يعود إلى الجملتين الثانية والثالثة ؟ وأما الجلد فقد ذهب وانقضى ، سواء تاب أو أصر ، ولا حكم له بعد ذلك بلا خلاف - فذهب الإمام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل إلى أنه إذا تاب قبلت شهادته ، وارتفع عنه حكم الفسق . ونص عليه سعيد بن المسيب - سيد التابعين - وجماعة من السلف أيضًا .
وقال الإمام أبو حنيفة : إنما يعود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة فقط ، فيرتفع الفسق بالتوبة ، ويبقى مردود الشهادة أبدًا . وممن ذهب إليه من السلف القاضي - شُرَيح ، وإبراهيم النَّخَعِيّ ، وسعيد بن جُبَيْر ، ومكحول ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم{[20797]} .
وقال الشعبي والضحاك : لا تقبل شهادته وإن تاب ، إلا أن يعترف على نفسه بأنه قد قال البهتان ، فحينئذ تقبل شهادته ، والله أعلم .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِلاّ الّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنّ اللّهَ غَفُورٌ رّحِيمٌ } .
اختلف أهل التأويل في الذي استثني منه قوله : إلاّ الّذِينَ تابُوا منْ بَعْدِ ذَلكَ وأصْلَحُوا فقال بعضهم : استثني من قوله : وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أبَدا وأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ وقالوا : إذا تاب القاذف قُبلت شهادته وزال عنه اسم الفسق ، حُدّ فيه أو لم يحدّ . ذكر من قال ذلك :
حدثني أحمد بن حماد الدّولابيّ ، قال : ثني سفيان ، عن الزهري ، عن سعيد إن شاء الله ، أن عمر قال لأبي بكرة : إن تبت قبلت شهادتك ، أو رَدّيْت شهادتك .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب : أن عمر بن الخطاب ضرب أبا بكرة وشبلَ بن معبد ونافع بن الحارث بن كَلَدة حَدّهم . وقال لهم : من أكذب نفسه أجزت شهادته فيما استقبل ، ومن لم يفعل لم أجز شهادته . فأكذب شبلٌ نفسَه ونافع ، وأبى أبو بكرة أن يفعل . قال الزهريّ : هو والله سُنّة فاحفظوه .
حدثنا ابن أبي الشوارب ، قال : حدثنا يزيد بن زُرَيع ، قال : حدثنا داود ، عن الشعبيّ ، قال : إذا تاب يعني القاذف ولم يعلم منه إلاّ خير ، جازت شهادته .
حدثنا عمران بن موسى ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا داود ، عن الشعبي ، قال : على الإمام أن يستتيب القاذف بعد الجَلْد ، فإن تاب وأونس منه خير جازت شهادته ، وإن لم يتب فهو خليع لا تجوز شهادته .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا داود ، عن عامر ، أنه قال في القاذف : إذا تاب وعلم منه خير إن شهادته جائزة ، وإن لم يتب فهو خليع لا تجوز شهادته ، وتوبته إكذابه نفسه .
قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن داود ، عن الشعبيّ ، نحوه .
حدثنا أبو كريب وأبو السائب ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا داود بن أبي هند ، عن الشعبيّ ، قال في القاذف : إذا تاب وأكذب نفسه قُبلت شهادته ، وإلا كان خليعا لا شهادة له لأن الله يقول : لَوْلا جاءُوا عَلَيْهِ بأرْبَعَةِ شُهَدَاءَ . . . إلى آخر الآية .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا داود بن أبي هند ، عن الشعبيّ أنه كان يقول في شهادة القاذف : إذا رجع عن قوله حين يُضرب ، أو أكذب نفسه ، قُبلت شهادته .
قال : حدثنا هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي أنه كان يقول : يقبل الله توبته ، وتردّون شهادته ؟ وكان يقبل شهادته إذا تاب .
قال : أخبرنا إسماعيل عن الشعبيّ أنه كان يقول في القاذف : إذا شهد قبل أن يُضرب الحدّ ، قُبلت شهادته .
قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا عبيدة عن إبراهيم ، وإسماعيل بن سالم عن الشعبي ، أنهما قالا في القاذف : إذا شهد قبل أن يُجلد فشهادته جائزة .
حدثني يعقوب ، قال : قال أبو بشر ، يعني ابن عُلَية ، سمعت ابن أبي نجيح يقول : القاذف إذا تاب تجوز شهادته . وقال : كنا نقوله . فقيل له : من ؟ قال : قال عطاء وطاوس ومجاهد .
حدثنا ابن بشار ، وابن المثنى ، قالا : حدثنا محمد بن خالد بن عَثْمة ، قال : حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن عمر بن طلحة ، عن عبد الله ، قال : إذا تاب القاذف جلد وجازت شهادته . قال أبو موسى : هكذا قال ابن أبي عَثْمة .
حدثنا ابن بشار وابن المثنى ، قالا : حدثنا ابن أبي عَثْمة ، قال : حدثنا سعيد بن بشير ، عن قَتادة ، عن سليمان بن يسار والشعبي قالا : إذا تاب القاذف عند الجلد جازت شهادته .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة : أن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة جلد رجلاً في قذف ، فقال : أَكْذِبْ نفسك حتى تجوز شهادتك
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي الهيثم ، قال : سمعت إبراهيم والشعبيّ يتذاكران شهادة القاذف ، فقال الشعبيّ لإبراهيم : لِم لا تقبل شهادته ؟ فقال : لأني لا أدري تاب أم لا .
قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن مجالد ، عن الشعبيّ ، عن مسروق ، قال : تُقبل شهادته إذا تاب .
قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن يعقوب بن القعقاع ، عن محمد بن زيد ، عن سعيد بن جبير ، مثله .
قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن جُرَيج ، عن عمران بن موسى ، قال : شهدت عمر بن عبد العزيز أجاز شهادة القاذف ومعه رجل .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : قال الشعبيّ : إذا تاب جازت شهادته ، قال ابن المثنى . قال : عندي ، يعني في القذف .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا مسعر ، عن عمران بن عمير : أن عبد الله بن عتبة كان يجيز شهادة القاذف إذا تاب .
حدثني يعقوب ، قال : ثني هشيم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : إذا تاب وأصلح قُبلت شهادته يعني القاذف .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة ، عن ابن المسيب ، قال : تقبل شهادة القاذف إذا تاب .
حدثنا الحسن ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، عن ابن المسيب ، مثله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد ، عن معمر ، قال : قال الزُهريّ : إذا حدّ القاذف ، فإنه ينبغي للإمام أن يستتيبه ، فإن تاب قُبلت شهادته ، وإلاّ لم تقبل . قال : كذلك فعل عمر بن الخطاب بالذين شهدوا على المغيرة بن شعبة ، فتابوا إلاّ أبا بكرة ، فكان لا تقبل شهادته .
وقال آخرون : الاستثناء في ذلك من قوله : وَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُون .
وأما قوله : وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أبَدا فقد وصل بالأبد ولا يجوز قبولها أبدا . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن أبي الشوارب ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا أشعث بن سوّار ، قال : ثني الشعبيّ ، قال : كان شريح يجيز شهادة صاحب كلّ عمل إذا تاب إلاّ القاذف ، فإن توبته فيما بينه وبين ربه ولا نجيز شهادته .
حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا أشعث بن سوار ، قال : حدثنا الشعبيّ ، عن شُريح بنحوه ، غير أنه قال : صاحب كلّ حدّ إذا كان عدلاً يوم شهد .
حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن شريح ، قال : كان لا يجيز شهادة القاذف ، ويقول : توبته فيما بينه وبين ربه .
حدثنا أبو كريب وأبو السائب ، قالا : حدثنا ابن إدريس ، عن مُطَرّف ، عن أبي عثمان ، عن شريح في القاذف : يقبل الله توبته ، ولا أقبل شهادته .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا أشعث ، عن الشعبيّ ، قال : أتاه خصمان ، فجاء أحدهما بشاهد أقطع ، فقال الخصم : ألا ترى ما به ؟ قال : قد أراه . قال : فسأل القوم ، فأثنوا عليه خيرا ، فقال شريح : نجيز شهادة كل صاحب حدّ ، إذا كان يوم شهد عدلاً إلاّ القاذف ، فإن توبته فيما بينه وبين ربه .
حدثنا أبو السائب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا أشعث ، عن الشعبيّ ، قال : جاء خصمان إلى شُرَيح ، فجاء أحدهما ببينة ، فجاء بشاهد أقطع ، فقال الخصم : ألا ترى إلى ما به ؟ فقال شريح : قد رأيناه ، وقد سألنا القوم فأثنوا خيرا . ثم ذكر سائر الحديث ، نحو حديث أبي كريب .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا الشيبانيّ ، عن الشعبيّ ، عن شريح أنه كان يقول : لا تُقبل له شهادة أبدا ، توبته فيما بينه وبين ربه يعني القاذف .
قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا الأشعث ، عن الشعبيّ ، بأن ربابا قطع رجلاً في قَطْعِ الطريق ، قال : فقطع يده ورجله . قال : ثم تاب وأصلح ، فشهد عند شريح ، فأجاز شهادته . قال : فقال المشهود عليه : أتجيز شهادته عليّ وهو أقطع ؟ قال : فقال شريح : كل صاحب حدّ إذا أقيم عليه ثم تاب وأصلح ، فشهادته جائزة إلاّ القاذف .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا شعبة ، قال المغيرة : أخبرني ، قال : سمعت إبراهيم يحدّث عن شريح ، قال : قضاء من الله لا تقبل شهادته أبدا ، توبته فيما بينه وبين ربه . قال أبو موسى : يعني القاذف .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، قال : قال شريح : لا يقبل الله شهادته أبدا .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا حماد ، عن قَتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : لا تجوز شهادة القاذف ، توبته فيما بينه وبين الله .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، عن الحسن ، أنه قال : القاذف توبته فيما بينه وبين الله ، وشهادته لا تُقبل .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا أبو الوليد ، قال : حدثنا حماد ، عن قَتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : لا تجوز شهادة القاذف ، توبته فيما بينه وبين الله .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، عن الحسن ، أنه قال : القاذف توبته فيما بينه وبين الله ، وشهادته لا تُقبل .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم أنه قال في الرجل يُجْلَد الحدّ ، قال : لا تجوز شهادته أبدا .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم : أنه كان لا يقبل له شهادة أبدا ، وتوبته فيما بينه وبين الله يعني القاذف .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، عن حجاج ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «لا تَجُوزُ شَهادَةُ مَحْدُودٍ فِي الإسْلامِ » .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن : وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أبَدا قال : كان يقول : لا تقبل شهادة القاذف أبدا ، إنما توبته فيما بينه وبين الله . وكان شريح يقول : لا تُقبل شهادته .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أبَدا ، ثم قال : فَمَنْ تابَ وأصْلَحَ فشهادته في كتاب الله تقبل .
والصواب من القول في ذلك عندنا : أن الاستثناء من المعنيين جميعا ، أعني من قوله : وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أبَدا ، ومن قوله : وأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ . وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن ذلك كذلك إذا لم يحدّ في القذف حتى تاب ، إما بأن يرفع إلى السلطان بعفو المقذوفة عنه ، وإما بأن ماتت قبل المطالبة بحدّها ولم يكن لها طالب يطلب بحدّها . فإذ كان ذلك كذلك وحدثت منه توبة صحت له بها العدالة .
فإذ كان من الجميع إجماعا ، ولم يكن الله تعالى ذكره شرط في كتابه أن لا تقبل شهادته أبدا بعد الحدّ في رميه ، بل نهى عن قبول شهادته في الحال التي أوجب عليه فيها الحدّ وسماه فيها فاسقا ، كان معلوما بذلك أنّ إقامة الحدّ عليه في رميه ، لا تحدث في شهادته مع التوبة من ذنبه ، ما لم يكن حادثا فيها قبل إقامته عليه ، بل توبته بعد إقامة الحدّ عليه من ذنبه أحرى أن تكون شهادته معها أجوز منها قبل إقامته عليه لأن الحدّ يزيد المحدود عليه تطهيرا من جُرمه الذي استحقّ عليه الحدّ .
فإن قال قائل : فهل يجوز أن يكون الاستثناء من قوله : فاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً فتكون التوبة مُسقطة عنه الحدّ ، كما كانت لشهادته عندك قبل الحدّ وبعده مجيزة ولاسم الفسق عنه مزيلة ؟ قيل : ذلك غير جائز عندنا وذلك أن الحدّ حقّ عندنا للمقذوفة كالقصاص الذي يجب لها من جناية يجنيها عليها مما فيه القصاص . ولا خلاف بين الجميع أن توبته من ذلك لا تضع عنه الواجب لها من القصاص منه ، فكذلك توبته من القذف لا تضع عنه الواجب لها من الحدّ ، لأن ذلك حقّ لها ، إن شاءت عفته ، وإن شاءت طالبت به . فتوبة العبد من ذنبه إنما تضع عن العبد الأسماء الذميمة والصفات القبيحة ، فأما حقوق الاَدميين التي أوجبها الله لبعضهم على بعض في كلّ الأحوال فلا تزول بها ولا تبطل .
واختلف أهل العلم في صفة توبة القاذف التي تقبل معها شهادته ، فقال بعضهم : هو إكذابه نفسه فيه . وقد ذكرنا بعض قائلي ذلك فيما مضى قبل ، ونحن نذكر بعض ما حضرنا ذكره مما لم نذكره قبل .
حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا حفص ، عن ليث ، عن طاوس ، قال : توبة القاذف أن يكذّب نفسه .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حصين ، قال : رأيت رجلاً ضُرب حدّا في قذف بالمدينة ، فلما فرغ من ضربه تناول ثوبه ، ثم قال : أستغفر الله وأتوب إليه من قذف المحصنات قال : فلقيت أبا الزناد ، فذكرت ذلك له ، قال : فقال : إن الأمر عندنا هاهنا أنه إذا قال ذلك حين يفرغ من ضربه ولم نعلم منه إلاّ خيرا قُبلت شهادته .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أبَدا وأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ إلاّ الّذِينَ تابُوا . . . الآية ، قال : من اعترف وأقرّ على نفسه علانية أنه قال البهتان وتاب إلى الله توبة نصوحا والنصوح : أن لايعودوا ، وإقراره واعترافه عند الحدّ حين يؤخذ بالجلد فقد تاب والله غفور رحيم .
وقال آخرون : توبته من ذلك صلاح حاله وندمه على ما فرط منه من ذلك والاستغفار منه وتركه العود في مثل ذلك من الجُرم . وذلك قول جماعة من التابعين وغيرهم ، وقد ذكرنا بعض قائليه فيما مضى ، وهو قول مالك بن أنس .
وهذا القول أولى القولين في ذلك بالصواب لأن الله تعالى ذكره جعل توبة كل ذي ذنب من أهل الإيمان تركه العود منه ، والندم على ما سلف منه ، واستغفار ربه منه ، فيما كان من ذنب بين العبد وبينه دون ما كان من حقوق عباده ومظالمهم بينهم . والقاذف إذا أُقيم عليه فيه الحدّ أو عُفي عنه فلم يبق عليه إلاّ توبته من جرمه بينه وبين ربه ، فسبيل توبته منه سبيل توبته من سائر أجرامه . فإذ كان الصحيح في ذلك من القول ما وصفنا ، فتأويل الكلام : وأولئك هم الفاسقون ، إلاّ الذين تابوا من جُرمهم الذي اجترموه بقذفهم المحصنات من بعد اجترامهموه ، فإنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يقول : ساتر على ذنوبهم بعفوه لهم عنها ، رحيم بهم بعد التوبة أن يعذّبهم عليها ، فاقبلوا شهادتهم ولا تسموهم فَسَقة ، بل سموهم بأسمائهم التي هي لهم في حال توبتهم .
{ إلا الذين تابوا } عن القذف . { من بعد ذلك وأصلحوا } أعمالهم بالتدارك ، ومنه الاستسلام للحد أو الاستحلال من المقذوف ، والاستثناء راجع إلى أصل الحكم وهو اقتضاء الشرط لهذه الأمور ولا يلزمه سقوط الحد به كما قيل ، لأن من تمام التوبة الاستسلام له أو الاستحلال ومحل المستثنى النصب على الاستثناء ، وقيل إلى النهي ومحله الجر على البدل من هم في لهم ، وقيل إلى الأخيرة ومحله النصب لأنه من موجب وقيل منقطع متصل بما بعده . { فإن الله غفور رحيم } علة للاستثناء .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم استثنى، فقال: {إلا الذين تابوا من بعد ذلك} يعني: بعد الرمي {وأصلحوا} العمل فليسوا بفساق {فإن الله غفور} لقذفهم {رحيم}، بهم.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
اختلف أهل التأويل في الذي استثني منه قوله:"إلاّ الّذِينَ تابُوا منْ بَعْدِ ذَلكَ وأصْلَحُوا"؛
فقال بعضهم: استثني من قوله: "وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أبَدا وأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ "وقالوا: إذا تاب القاذف قُبلت شهادته وزال عنه اسم الفسق، حُدّ فيه أو لم يحدّ... وقال آخرون: الاستثناء في ذلك من قوله: "وَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُون".
وأما قوله: "وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أبَدا" فقد وصل بالأبد ولا يجوز قبولها أبدا... والصواب من القول في ذلك عندنا: أن الاستثناء من المعنيين جميعا، أعني من قوله: "وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أبَدا"، ومن قوله: "وأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقُونَ"، وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن ذلك كذلك إذا لم يحدّ في القذف حتى تاب، إما بأن يرفع إلى السلطان بعفو المقذوفة عنه، وإما بأن ماتت قبل المطالبة بحدّها ولم يكن لها طالب يطلب بحدّها. فإذ كان ذلك كذلك وحدثت منه توبة صحت له بها العدالة.
فإذ كان من الجميع إجماعا، ولم يكن الله تعالى ذكره شرط في كتابه أن لا تقبل شهادته أبدا بعد الحدّ في رميه، بل نهى عن قبول شهادته في الحال التي أوجب عليه فيها الحدّ وسماه فيها فاسقا، كان معلوما بذلك أنّ إقامة الحدّ عليه في رميه، لا تحدث في شهادته مع التوبة من ذنبه، ما لم يكن حادثا فيها قبل إقامته عليه، بل توبته بعد إقامة الحدّ عليه من ذنبه أحرى أن تكون شهادته معها أجوز منها قبل إقامته عليه لأن الحدّ يزيد المحدود عليه تطهيرا من جُرمه الذي استحقّ عليه الحدّ.
فإن قال قائل: فهل يجوز أن يكون الاستثناء من قوله: فاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً فتكون التوبة مُسقطة عنه الحدّ، كما كانت لشهادته عندك قبل الحدّ وبعده مجيزة ولاسم الفسق عنه مزيلة؟ قيل: ذلك غير جائز عندنا، وذلك أن الحدّ حقّ عندنا للمقذوفة كالقصاص الذي يجب لها من جناية يجنيها عليها مما فيه القصاص. ولا خلاف بين الجميع أن توبته من ذلك لا تضع عنه الواجب لها من القصاص منه، فكذلك توبته من القذف لا تضع عنه الواجب لها من الحدّ، لأن ذلك حقّ لها، إن شاءت عفته، وإن شاءت طالبت به. فتوبة العبد من ذنبه إنما تضع عن العبد الأسماء الذميمة والصفات القبيحة، فأما حقوق الآدميين التي أوجبها الله لبعضهم على بعض في كلّ الأحوال فلا تزول بها ولا تبطل.
واختلف أهل العلم في صفة توبة القاذف التي تقبل معها شهادته؛
فقال بعضهم: هو إكذابه نفسه فيه...
وقال آخرون: توبته من ذلك صلاح حاله، وندمه على ما فرط منه من ذلك، والاستغفار منه، وتركه العود في مثل ذلك من الجُرم... وهذا القول أولى القولين في ذلك بالصواب لأن الله تعالى ذكره جعل توبة كل ذي ذنب من أهل الإيمان تركه العود منه، والندم على ما سلف منه، واستغفار ربه منه، فيما كان من ذنب بين العبد وبينه دون ما كان من حقوق عباده ومظالمهم بينهم. والقاذف إذا أُقيم عليه فيه الحدّ أو عُفي عنه فلم يبق عليه إلاّ توبته من جرمه بينه وبين ربه، فسبيل توبته منه سبيل توبته من سائر أجرامه، فإذ كان الصحيح في ذلك من القول ما وصفنا، فتأويل الكلام: وأولئك هم الفاسقون، إلاّ الذين تابوا من جُرمهم الذي اجترموه بقذفهم المحصنات من بعد اجترامهموه، "فإنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" يقول: ساتر على ذنوبهم بعفوه لهم عنها، رحيم بهم بعد التوبة أن يعذّبهم عليها، فاقبلوا شهادتهم ولا تسموهم فَسَقة، بل سموهم بأسمائهم التي هي لهم في حال توبتهم.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وتظل العقوبات التي توقع على القاذف، بعد الحد، مصلتة فوق رأسه، إلا أن يتوب:
(إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم)..
وقد اختلف الفقهاء في هذا الاستثناء: هل يعود إلى العقوبة الأخيرة وحدها، فيرفع عنه وصف الفسق، ويظل مردود الشهادة؟ أم إن شهادته تقبل كذلك بالتوبة.. فذهب الأئمة مالك وأحمد والشافعي إلى أنه إذا تاب قبلت شهادته، وارتفع عنه حكم الفسق.
وقال الإمام أبو حنيفة: إنما يعود الاستثناء إلى الجملة الأخيرة، فيرتفع الفسق بالتوبة، ويبقى مردود الشهادة. وقال الشعبي والضحاك: لا تقبل شهادته، وإن تاب، إلا أن يعترف على نفسه أنه قال البهتان فيما قذف؛ فحينئذ تقبل شهادته.
وأنا أختار هذا الأخير لأنه يزيد على التوبة إعلان براءة المقذوف باعتراف مباشر من القاذف. وبذلك يمحي آخر أثر للقذف. ولا يقال: إنه إنما وقع الحد على القاذف لعدم كفاية الأدلة! ولا يحيك في أي نفس ممن سمعوا الاتهام أنه ربما كان صحيحا؛ ولكن القاذف لم يجد بقية الشهود.. بذلك يبرأ العرض المقذوف تماما، ويرد له اعتباره من الوجهة الشعورية بعد رده من الوجهة التشريعية؛ فلا يبقى هنالك داع لإهدار اعتبار القاذف المحدود التائب المعترف بما كان من بهتان.